هذه روايتنا؛ مم نخاف؟!

تم نشره الجمعة 24 حزيران / يونيو 2016 12:35 صباحاً
هذه روايتنا؛ مم نخاف؟!
محمد أبو رمان

وجدتُ صعوبةً كبيرة في العثور على نسخة من كتاب د. سمير مطاوع "الأردن في حرب 1967"، حتى ساعدني الزميل والصديق ألفرد عصفور في تأمين نسخة من المؤلّف نفسه.

مثل هذا الكتاب لا يجوز أن يصبح طيّ النسيان أو التجاهل، وألا تتوافر منه نسخ في المكتبات الأردنية! بل على النقيض من ذلك؛ المطلوب أن يكون ضمن سلسلة إصدارات وزارة الثقافة لكتاب الأسرة، ومن الكتب المقررة على طلبة الثانوية العامة أو في المساقات الجامعية بالحدّ الأدنى.

أهميّة الكتاب تكمن في أنّه تجاوز المنطق السردي لما حدث خلال معركة 1967، إلى تقديم ذلك من خلال زاوية النظر الأردنية، مدعّماً بوثائق حصل عليها المؤلف من أرشيف الجيش العربي (كما ذكر)، وبمقابلات مع قيادات عسكرية وسياسية أردنية للحرب، وما قبلها وما بعدها، وبمراجعة للوثائق الغربية والإسرائيلية عن الحرب.

في أغلب الأحداث والمحطّات المفصلية، كانت الرواية الأردنية شبه غائبة أو ضعيفة أو خجولة للأسف الشديد، لأنّها كثيراً ما كانت تعاني من نقص الوثائق ومحدودية المصادر المطلوبة في عملية التوثيق، ما انعكس على "الصورة النمطية" عن الدور السياسي والتاريخي الأردني، ليس فقط في الخارج، بل في الداخل أيضاً؛ لدى قطاع واسع من الأردنيين الذين أصبحوا ينظرون إلينا عبر الدعاية السياسية والإعلامية المضادة والرواية التاريخية الأخرى.

حرب الـ67 مثلاً، التي خسر فيها الأردن نصف مملكته، وثلثي معداته العسكرية وطائراته العسكرية كافّة، هي نموذج على إهمالنا في كشف الحقائق المريرة، عما حدث قبلها وخلالها وما حصل بعدها. وبدلاً من إنصاف الملك الراحل الحسين فيما فعله خلال تلك المرحلة، وتقدير دور الجيش الأردني، ورد الاعتبار للمقاربات الأردنية خلال تلك الفترة، نجد أنّ التهمة المعلبة جاهزة وحاضرة.

الغريب أنّ خصوم الأردن في تلك المرحلة، وأقصد هنا للأسف أحد أهم ماكينات الآلة الإعلامية العربية المعادية للأردن، الراحل محمد حسنين هيكل، صديق ومستشار الرئيس جمال عبدالناصر المقرّب، اعترف نفسه في كتابه عن الحرب (الانفجار) بكثير من الحقائق التي تنصف الأردن ودور الملك الحسين خلال تلك الحرب.

واعترف هيكل، كذلك، أنّ الراحل الحسين -لما له من مصادر استخباراتية قوية- حذّر القيادة المصرية مراراً وتكراراً من "أفخاخ" نصبت لها، وبلّغها بموعد الهجوم على القوات المصرية، ووضع قواته تحت القيادة العربية الموحّدة، ورفض الرسائل الإسرائيلية (عبر الوسطاء) بتجنب دخول الحرب، مع ضمانة عدم مهاجمة إسرائيل للقوات الأردنية.

وهيكل نفسه أقرّ بأنّ القيادة العسكرية المصرية حينها خدعت عبدالناصر نفسه، فضلاً عن العرب جميعاً، بإنكار تدمير سلاح الجو المصري بالكامل، في الساعات الأولى من المعركة الإسرائيلية، وأنّ المعركة في الحقيقة لم تكن 6 أيام، بل هي ثلاث ساعات، والباقي تفاصيل مريرة للهزيمة.

من الضروري العودة إلى كتاب سمير مطاوع لننصت إلى المسؤولين الأردنيين ونقرأ وثائقنا وننشر روايتنا عن هذه الحرب، وعن الأحداث المفصلية الأخرى؛ حرب الـ48، والكرامة، وأحداث أيلول (سبتمبر) في الـ70، وحرب الـ73، فمم نخاف؟! ولماذا لا نقول كلمتنا ونقوم بتصفية حساب مع التاريخ؟! فإذا لم نفهم التاريخ، ولم يعرف شبابنا الحقائق عما حدث سابقاً، فلن نفهم الحاضر، ولن يكون هناك وعي وطني تاريخي بما لنا وما علينا.

ليس المطلوب بروباغاندا تاريخية، ولا مرافعة دفاع عن النفس وإدانة الآخرين (كما فعل أشقاؤنا العرب)، بل المطلوب رواية تاريخية موضوعية تشرح وجهة نظرنا للأحداث؛ أين أصبنا وأين أخطأنا، لكنّها في النهاية بالتأكيد ستنصف الأردن الذي ظُلم كثيراً.

(الغد 2016-06-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات