نتنياهو يرد التحية بأحسن منها ويسلم حكومتنا مواطنا اسرائيليا !!
المدينة نيوز- كتب خالد محادين - لا يجوز أن ينشغل المواطنون الأردنيون والنقابيون الأردنيون والحزبيون الأردنيون وأصحاب وصحفيو المواقع الألكترونية الأردنيون بمسألة هامشية تتعلق بقيام الحكومة بتسليم مواطن اردني إلى العدو الصهيوني كما تقول الحقيقة، أو بقيام المواطن الأردني بتسليم نفسه لهذا العدو كما أعلنت الحكومة على لسان ناطقها العبقري الذي لا يشق له غبار في تزييف الحقائق وتشويه الوقائع والعمل الدؤوب على محاولة استغفال شعب اكثر المواطنين غباء فيه هو أكثر ذكاء من أكثر الوزراء ذكاء في حكومته.
لن أنشغل مثل كثيرين بهذه المسألة الصغيرة والهامشية لكن ما أشغلنا طوال الأيام الماضية هو كيف تمكن المواطن سامر حلمي البرق حامل الرقم الوطني 9741049016 من التسلل من زنزانة وتجاوز الممرات والبوابات والوصول إلى الشارع العام وأخذ سيارة أجرة إلى جسر العودة والانتقال بيسر وسهولة من (أرض الحشد والرباط) إلى (أرض الصبر والصمود والمقاومة) ثم التوجه إلى معتقل صهيوني واقتحام بوابته والدخول في غرفة لا تقل ضيقا واتساعا عن زنزانة في الوطن الجميل.
لكتابة سيناريو هذا الفيلم الأردني الطريف، حصلت على معلومات تقول أن المواطن سامر حلمي البرق حامل الرقم الوطني 9741049016 غادر زنزانته بعد صلاة الفجر، لم يحتج إلى مفتاح لفتحها حيث تركت له نسخة من هذا المفتاح، كان يضعه فوق جهاز التلفاز أو بين الكتب والمجلات والصحف اليومة التي كان مسؤولون يحرصون على تزويده بها، ولما كان النادل يأتي إليه بعد صلاة الفجر بنصف ساعة حاملا له فنجان النسكافيه وقطعتين من الشوكولاته السويسرية، فقد تعمد هذا المواطن أن يغادر الزنزانة قبل وصوله، وكانت المفاجأة أن النادل وجد ورقة الصقت على شاشة التلفاز وكتب عليها بخط النسخ (شكرا على رعايتكم، سأرحل من مدينة عربية إلى مدينة عربية أخرى سلامي للجميع ودعواتي الصادقة لعمان الحبيبة).
تسلل الرجل على قدميه، كان يلقي التحية على كل من يمر به، فيردون على تحيته دون أن يروه، جلس ساعتين على رصيف الشارع حتى فتحت الأسواق أبوابها اختار عربة من عرباتها ووضع فيها كل ما قد تحتاج إليه قرينته الباكستانية خلال فترة غيابه التي قد تمتد عشرة أو عشرين عاما، دفع ثمن ما اشترى وأوقف سيارة أجرة حاول سائقها جرجرته بالكلام ولكن المواطن الطيب اكتفى بقراءة القرآن وطلب منه أن يحمله إلى المدرج الروماني. وضع الأغراض على باب منزله وطلب من السائق أن يحمله إلى جسر العودة، ثم دون أن يراه أحد عبر مواقعنا الأمنية ومواقع العدو و توجه نحو المعتقل دون أن يشاهده أحد عبر كل هذه الرحلة. وهو الأمر الذي يؤكد أن سامر حلمي البرق حصل على طاقية اخفاء غطى بها وجهه ورأسه ومكنته من تنفيذ مغامرته، وعندما جلس أمام شاشة التلفاز ابتسم بعمق وهو يرى وجه الناطق نبيل الشريف يلقى مواله اليومي عن مغامرة مواطن أردني سجين وتمكن من التسلل من فلسطين رغم أن عيون الحكومة تطبق على مساحة الوطن وتصور حتى النملة الصغيرة الجالسة في مكتبة منزل تقرأ قصة للأطفال!
شعرت أمام رواية الشريف أن علاقة تربط بينه وبين المواطن سامر حلمي البرق حامل الرقم الوطني 9741049016 وأن السيارة التي رفع صابر يده لايقافها كانت سيارة معالي الناطق، وإنه وجد أن من واجبه أن يساعد مواطنا على النجاة من زنزانة والذهاب إلى زنزانة أخرى وأن أحدا لن يراهما وهما يقدمان هذا الفصل الذي لم يخطر ببال (أغاثا كريستي) أن تكتب عنه.
على امتداد الأيام الثلاثة الأخيرة وأنا أقف مذهولا أمام حكاية تسليم مواطن أردني لعدو الأردنيين وليس لحكوماتهم، حاولت أن أفسر الأمر على أنه ممارسة ارهاب دولة، ففشلت، وحاولت أن أفسره على أنه قرصنة برية، حيث أن اشكال القرصنة اقتصرت خلال القرن الماضي وبداية القرن الحالي على القرصنة البحرية بعد أن توقفت اشكال القرصنة الجوية، تساءلت في حزن: هل الحكومة التي سلمته لعدونا حكومة أردنية أم أن صابر ليس مواطنا وإن كان يحمل رقما وطنيا؟ قلت كيف لمسؤول في أي موقع أن يقف أمام مرآته صباحا ليحلق ذقنه فيرى أي وجه في رأسه، ثم ماذا ستحمل قرصنة وارهاب ينفذان ضد مواطن أردني لآباء وجدود واحفاد واحفاد أحفاد وأحفاد أحفاد أحفاد المسؤولين الأردنيين الذين ارتكبوا هذه الجريمة المعيبة، هل يمكن وصف هذه الممارسة بالخيانة الوطنية والجواب مستحيل فالخيانة الوطنية على بشاعتها أقل بشاعة من اختطاف مواطن وإلقائه في معتقل صهيوني في وضح النهارهذا إذا كان لهؤلاء المسؤولين عيون ترى وليست هي مجرد ثقوب في رؤوس لا شيء فيها.
هل هناك غوانتامامو في الأردن كما في الجزء المحتل امريكيا في كوبا؟ أن هناك جنسية للظلمة بحيث تبدو ظلمة زنزانات العدو أسوأ أو أحسن من زنزانات الوطن الطيب بمواطنيه الذين هم أغلى ما نملك، ولماذا اكتفى المواطن الأردني بالتسلل من عندنا والتسلل إلى عدوه دون أن يودع مضيفيه الذين أكرموا وفادته كما فعل له الامريكيون والباكستانيون على امتداد أكثر من سبعة أعوام؟
أخي صابر
أعرف أنك قادر على التواصل معي، ولا أطلب منك الكثيرسوى أن تدلني على طاقية اخفاء، إذ يبدو أن الأردنيين جميعا سيحتاجون إليها قريبا، رغم أن الحكومة لم ترفع سعر اسطوانة الغاز وكانت حكومة الذهبي سترفعها لو ظلت في موقعها على الدوار الرابع، إنني مثلك أحمل الرقم الوطني لكن هناك الأرقام السرية التي إذا لم نحمل واحدا منها فسيتم تسليمنا إلى أي عدو رخيص وحاقد في الداخل أو في الخارج.
ومبروك على حكومتنا هذا الإنجاز الوطني والقومي والديني والإنساني والأخلاقي، لا أدري ما علاقة الأخلاق بهذا الانجاز.( بالتزامن مع موقع الخندق الإلكتروني)