لماذا تتعامون عن أرض الدولة؟!
اثير موضوع منح المواطنين قطع اراض، بشكل دائم، فأغلب الارض في البلد، ملك الدولة، وقد عولج الامر بطريقة خاطئة، ذات مرة، حين تم منح اهالي معان، قطع اراض، دون فرز، ودون خدمات، ودون اي رؤية لهذه الارض، فأثار الامر ردود فعل سلبية على كل المستويات، مع ترك بقية المحافظات، دون تطبيق الامر عليها ايضا. اليوم، نعيد طرح الموضوع، فلا بد من تقديم شيء للناس، سواء أكانوا العاملين المدنيين والعسكرين، والمتقاعدين منهم، او كل المواطنين، عبر مسربين، الاول قطعة الارض للبناء، والثاني قطعة الارض للاستصلاح الزراعي. للاسف الشديد، يتم تخصيص اراض كبيرة لمتنفذين، وهذا امر جرى في مناطق مختلفة في المملكة خلال عقود، وهؤلاء حصلوا عبر علاقاتهم ونفوذهم على قطع اراض عادية او زراعية، واستملكوها، دون ان يسألهم احد، برغم ان التفويض هنا، يخفي فسادا من شكل آخر، وهذا الفساد هو احد اسباب الغضب في نفوس الناس، حين يرون الجهات الرسمية تلاحقهم على رخصة بناء، او لهدم غرفة مقامة في منطقة نائية، بشكل مخالف للقانون، وفي الوقت ذاته، يوزعون ارض البلد، على المتنفذين يمينا ويسارا، ولو طلبنا اسماء الذين تم تفويضهم اراضي، لاصيب بعضنا بصدمات، فليس كل مايعرف يقال. لابد من توزيع قطع ارض على المواطنين ضمن اي معيار، ولو نصف دونم، مع وجود مخطط ورؤية لتلك القطع، عبر تخطيطها وفرزها ورسم شوارعها، وايصال الخدمات لها، بشكل معقول، وان يساعد صاحبها، ولو بدفع دفعة بسيطة، مثل 500 دينار مقابل ايصال الخدمات، اذا كان هذا كافيا، مع وجود رؤية للمنطقة ذاتها من مدارس وبقية الخدمات، اما الاعلان عن دونم لكل مواطن، هكذا وسط الصحراء، دون رؤية وتخطيط، فهو امر مثير للغثيان والتندر على حد سواء، فليس هكذا تبنى المدن، ولا يكرم الانسان في وطنه بمنحه اطنانا من الرمل ليجلس فوقها. الاف المتعطلين عن العمل في كل مكان، وهناك مواقع تمتلكها الدولة صالحة للاستصلاح الزراعي، والسنين التي اضاعها كثيرون من عمرهم، كانت كافية لاستصلاح هذه المواقع، وعلى الرغم من ان الزراعة غير مربحة، الا اننا حين نفعل ذلك، نقدم للانسان ممتلكا خاصا، يستطيع الاستثمار الزراعي فيه، فوق بناء صغير، له ولعائلته مستقبلا. هذه ليست احلاما وردية، ولو كانت هناك نوايا حقيقية، لاسسنا شركة للاعمار، شركة تكون ناجحة، دون فساد ودون نهب، مهمتها اعمار مناطق كثيرة في البلد، بدلا من تحول الناس الى مجرد زوار في بلدهم، لا وظائف ولا بيوت ولامستقبل. اذا كنا نريد ان نقبل المديونية والعجز، فعليكم ان تفكروا بطرق ابداعية، لتعويض الناس، لو توافرت النوايا، طرق ابداعية لاتتعب الناس، وتقدم لهم شيئا في بلدهم، والمؤكد ان الابداع في هكذا حلول بحاجة الى اناس مبدعين، ويخافون الله اولا، فالابداع دون ضمير، يعني مشروعا جديدا للنهب.
(الدستور 2016-07-12)