تحول السياسة الأوروبية نحو سورية

تم نشره الخميس 14 تمّوز / يوليو 2016 12:15 صباحاً
تحول السياسة الأوروبية نحو سورية
د. موسى شتيوي

بعد إعلان الرئيس السوري بشار الأسد عن وجود مساع أوروبية حقيقية لفتح قنوات التعاون الأمني مع سورية، ازدادت وتيرة اللقاءات والزيارات المتبادلة بين مسؤولين أمنيين سوريين وأوروبيين باستثناءات محدودة، والعنوان الرئيسي لهذه اللقاءات هو تنسيق جهود مكافحة الإرهاب والتي باتت أولوية أوروبية تتجه للتهديد الأمني في قلب أوروبا الذي بات يمثله "داعش"، خاصة بعد التفجيرات والعمليات الإرهابية في باريس وبروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي.

بالرغم من الطابع والدوافع الأمنية لهذه اللقاءات، إلا أنها جاءت على خلفية تحولات سياسية في مواقف الدول الأوروبية كانت قد سبقت هذه اللقاءات.

التحول الرئيسي لمواقف الدول الأوروبية بدأت تتوضح معالمه بعد التدخل الروسي والتغيير في الموقف الأميركي. فالتدخل الروسي في سورية غير قواعد اللعبة، وجعل من المطلب الأوروبي المعلن بضرورة تنحي بشار الأسد قبل التوصل لحل سلمي في سورية بعيد المنال وغير قابل للتحقيق. التدخل الروسي لم يثبت النظام السوري ويمكنه مقابل المعارضة فقط، وإنما جعل من أي محاولة مباشرة أو غير مباشرة لإسقاط النظام ستكون في مواجهة مباشرة مع روسيا. وقد انسحب هذا ليس على أوروبا فقط، وإنما أيضاً على تركيا التي اضطرت إلى تغيير في سياستها نحو سورية لم تتضح معالمه النهائية بعد.

البعد الآخر الذي ساهم في تحول السياسة الأوروبية، هو الخطر المتزايد للإرهاب على أوروبا، خاصة بعد عمليات باريس وبروكسل، والتهديدات المستمرة لها من قبل "داعش"، والذي أدى إلى تغيير في الأولويات الأوروبية بحيث أصبح الأمن هو الهاجس الأول لها، وخاصة مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين واحتمالية تسلل الإرهابيين مع اللاجئين والقيام بعمليات إرهابية ضد أهداف في أوروبا، بما أدى لبث الرعب في أوروبا على المستويات كافة.

العامل الثالث الذي ساهم في تغيير الموقف الأوروبي هو عدم قدرة هذه الدول على التعاون مع قوى عسكرية معتدلة داخل سورية، حيث إن أغلب القوى والفصائل العسكرية التي تحارب النظام في سورية هي ذات طابع راديكالي أو متشدد مما أضعف جاذبية البديل للنظام السوري من وجهة نظر هذه الدول.

بالرغم من أن هذه الاجتماعات تقتصر على الجانب الأمني إلى الآن، إلا أنها ومن دون أدنى شك ستلعب دوراً أساسياً في تهيئة الظروف تمهيداً لاستئناف الاتصالات السياسية عندما تسنح الظروف بذلك، حيث إن التعاون الأمني هو قرار سياسي بامتياز.

التحول بالسياسة الأوروبية نحو سورية ليس وليد الصدفة، وإنما جاء تطورا طبيعيا للتحولات الدولية والإقليمية في الأزمة السورية وقدرة التدخل الروسي على تغيير المعادلة العسكرية في سورية لصالح النظام السوري. والنظام السوري لا يريد أن تقتصر هذه اللقاءات والتعاون على المستوى الأمني، بل يريدها أن تتطور لتطال المستوى السياسي الذي بدأ في تحقيق بعض الاختراقات لدى بعض الدول كإيطاليا.

(الغد 2016-07-14)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات