ابتسامتك تعني الكثير
ستشعرُ يوماً بضيقٍ في صدرك، وستشعرُ أنك مثل دُخَان لا نار أنت ولا ماء، سيتخلل داخلك شعور باليأس ويبعدك عن أي مكان، أحياناً تشعر بالعطش وأحياناً تشعرُ بالحرمان، ستهذي في كل مكانٍ تبحث عن نفسك فيه ثم تعود بلا أملٍ يغمرك ذاك الهذيان، وتتيه في زمن المعرفة ولا تعرف منه سوى الفقدان، تتخبطُ كفروع الأشجار تصطدمُ بعاصفةٍ فتتمايل في كل مكان، تسقط أوراقاً منها ولا يبقى منها سوى فروع الأغصان، يغمرك الخوف ولا تتحمل من أحدٍ أي حديث أياً كان، تجلس منعزلاً لا يبقى معك سوى بعض الأوراق وفنجان القهوة يصحبك إلى أي مكان، مذاقٌ مر، وتفكير لا يهدي إلى شيءٍ غير التوهان، تبحث في صورك عن ذكرى وتُبعثرُ فيها وكأنك تبحث عن كنزٍ وحين تُراجع تلك الذكرى لا تملك إلا أن تبكي وتسحُ دموعاً تنهمر من الحزن على ما فات، تلوم نفسك على لحظات كثيرة مرت من حياتك، تظن أنك قد أخفقت في بعض تفاصيل حياتك، ولهذا وقفت أمام آمالك وطموحاتك منكسراً لا تتقدم خطوة نحو الأمام.
لكن أخبرني هل أحدٌ فينا لا يُِخفق لم يُخطأ أبداً في شيءٍ كان؟
حقاً أخبرني هل يوجدُ فينا من لا يتعثر في بعض أموره؟
هل يلقي الصياد شباكه في البحر ويشترطُ على البحر أن لا تأتيني إلا بالمرجان؟
هي تجارب تلك الحياة المؤلمة تعطينا أحياناً ما تريد وأحياناً أخرى تتمنع عنا وكأنها لم تعرفنا من قبل، نتألم حقاً لكن علينا أن نكمل المسير وأن نتخطى تلك العقبات، من منا لم يمر بظروف صعبة بشتى الألوان؟
لا تنظر إلى تلك الظروف ولكن انظر إلى من تجاوزوها ثم عبروا بقارب النجاة إلى شاطئ الأمان، هيا اجلس مع نفسك وانظر إلى كم مرة تعثرت فيها وظننت أنك لن تخرج من تلك العثرة ثم خرجت وكأن شيئاً لم يكن، فقط ابتسم واعلم أن هناك الكثير ممن حولك ينتظر ابتسامتك، صدقني الابتسامة لها أثرٌ كبير في القلوب، الابتسامة تبعث بداخلك الأمان وتجعلك تنظر إلى الحياة بصورة أكثر تفاؤلاً، الابتسامة واقعٌ جميل في النفس فهي تفتح أبواباً أُغلقت في تِيهِ الأيام فهي تبعث بداخلك الأمل من جديد، ها أنا أتذكر قول أحد الكُتاب: (لقد جربت الحزن بالأمس فما نفعك شيء)، وأقول إليك: إذاً عليك أن تجرب أن تبتسم، تفاءل وانظر إلى الأشجار تزهو بها الزهور وتزينها في كل ربيع وتراها فتقول ما أبهجك ما أحلاك، ثم يأتي الخريف ليطيح بهذه البهجة التي كانت متناثرة على فروعها لتتساقط الأوراق والزهور على الأرض لتذبل، فاسأل نفسك هل يئست تلك الأشجار عن طرح الزهور والورود مرة أخرى؟
أم انتظرت ربيعاً آخر كي تزهو بها الزهور مراتٍ ومرات؟
انتظر ربيعاً قد يأتيك مُتأخراً، لكنه حتماً سوف يأتيك في يومٍ من الأيام، فقط عليك أن تخرج من كبوتك هذه وتستمر في طريقك الذي لن يكمله أحد غيرك، وتذكر معي ما قاله الكاتب فيليس ديلر: (الابتسامة هي المنحنى التي تجعل كل شيء مستقيماً)، نعم أنت تستطيع أن تتغلب على كل همومك بتلك الابتسامة فهي ليست مجرد ابتسامة فحسب إنها ستمنحك الحياة والنهوض من عالمك الافتراضي إلى عالمك الحقيقي مرة أخرى.
ابتسم فالابتسامة هي اللغة الوحيدة التي يعرفها كل الناس، ابتسم وانظر إلى الحياة بمنظورٍ مختلف وارسم لنفسك طريقاً جديداً يغمره التفاؤل والأمل والحياة.
ابتسم واترك مرارة تلك الهموم التي أثقلتك ولا مانع أن تحتفظ بمرارة فنجان القهوة الذي كان يصحبك دائماً في كل مكان بشرط أن تبتسم، فابتسامتك تعني الكثير.