ارهاق اقليمي
كل الدول العربية والاسلامية في المنطقة غارقة في مشاكلها، ووحده الاحتلال الاسرائيلي، يعيش آمنا، دون اي مشاكل هذه الفترة تحديدا. الدول الاسلامية الاقليمية مثل ايران وتركيا وباكستان، غارقة في مشاكل داخلية، واضطرابات ومشاكل اقتصادية، وكل دولة من هذه الدول الثلاث، يتم تصنيع ازمة لها، او تتورط من حيث لا تحتسب بأزمة داخلية او اقليمية، تؤثر على بنيتها الداخلية، واقتصادياتها، ومستوى الحياة، فلا تسلم اي دولة من هذه الدولة، واذا سلمت تسلم مؤقتا، حتى يجري الاعداد لتدميرها وتخريبها. الدول العربية في حالة اسوأ، جوار فلسطين، تم ارهاقه، اما بحروب داخلية، دينية او مذهبية، او صراعات على السلطة، او عبر توريطها بحروب، او ديون، من اجل ارهاقها ماليا وسياسيا وبنيويا، والذي يتأمل حال الدول المحيطة بفلسطين المحتلة، سورية ولبنان والاردن ومصر، يكتشف ان لكل دولة ظروفها الضاغطة جدا، فمن لم يغرق في صراعات عسكرية، وحروب تشظي البنية الداخلية، يغرق في الديون وازمات اللجوء، واخطار التطرف التي قد تأتيه بين وقت وآخر. ليست المؤامرة وحدها المسؤولة، عما نراه، هناك اسباب اخرى، فالمؤامرات لا تنجح، دون ان تتوفر ارضية مساعدة، لاننا نرى ايضا، ان لا احد فينا قادر على التآمر على دول اخرى، فلماذا تنجح المؤامرات لدينا، بكل بساطة، وتجد من يفتح لها الابواب، بحسن نية، او سوء نية، ولا نجد ذات الامر، في كيانات اخرى؟!. مائة عام من التركيع والتضليل والتجهيل، وسلب الموارد، وحكم العسكر، وغياب العدالة، وتبديد الموارد الطبيعية والمالية، وتركيب المجتمعات على اساس اكثريات واقليات، وطبقات فاسدة، وطبقات مسحوقة، وتوظيف الدين من البعض لافشاء نسخ تخالف اصل الدين، كبديل عن الاسلام الحقيقي، اضافة الى التسلط، وتشظية الروح الجمعية، وعبادة الحاكم، كل ذلك ادى الى تصنيع بيئة هشة في اغلب الدول العربية والاسلامية، وهي بيئة قابلة للعبث والتوظيف والتلاعب، في اي لحظة، فنحن امام منطقة هشة، وغير متماسكة. الكارثة الاكبر، هي ظن كل الدول العربية والاسلامية في هذه المنطقة، انها قادرة ان تكون بمنأى عن هذا الحال، اذا اشتعلت النيران في دولة اخرى، من باب الثأر والنكاية، لكن الواقع يثبت، ان الشامتين بحريق العراق، لم يتوقعوا ان يشب الحريق بطريقة اخرى في سورية، والشامتين بحريق ايران، لم يتوقعوا ان يشب الحريق بشكل اخر في تركيا، وهكذا تتعدد الاسباب والمراحل، لكن النهايات واحدة...وهذا الذي يجب ان يتنبه له الجميع، فالاستنزاف يجري لكل الاقليم. كل خزان الدم الذي قد يهدد اسرائيل، تم العبث به، وسفكه باشكال مختلفة، وهي مؤامرات تتشارك بها ارادة الاحتلال، مع ارادة دول عظمى، ولكل طرف اسبابه، مع توفر اسباب السقوط اساسا في هذه المنطقة، ولو كانت البيئة عادلة وصلبة وغير هشة، لما نفذت كل هذه السيناريوهات. لقد تم تجريم المنطقة امام العالم، واسقاطها في واد سحيق، مع تجريم الرافعة الاساس لهذه المنطقة، اي الاسلام، وهذا يعني اننا امام مأزق تاريخي، قد يتناساه بعضنا، لانشغاله باللحظة فقط، فيما المتأمل استراتيجيا، يكتشف بكل بساطة اننا عدنا الى الوراء الفي عام، وان الافق مسدود، وان لا مخرج نجاة يلوح بالافق، حتى الان.
(الدستور 2016-07-20)