أوروبا..والذئاب المنفردة
حالة من اللأمن تعيشها دول أوروبا تحت وقع صدمة إرهاب جديد ، خلَف ذعرا عابرا للقارات بل وشكَك في قوة وتنظيم أمن هذه الدول التي باتت قاب قوسين من حرب مفتوحة على مختلف الجبهات ، ويبدوا في صورة أقرب أن حالة اللاسلم التي تعيشها دول أفريقيا التي تعاني ويلات حروب وانقسامات ، انتقلت بصورة تدريجية لدول أوروبا التي كانت ولوقت ليس ببعيد تفتخر باتحادها وتماسك أنسجتها المخابراتية وقوة ومتانة بل وحصانة أمنها ، هي إذن حرب من تنظيم لا يمت بصلة للإسلام ضد أوروبا بطريقة جديدة ومنفردة ، خلَف الكثير من التأويلات وصنع لنفسه اسما يطرح العديد من التساؤلات حول من يقف وراءه .
الهجوم عل كنيسة بسانتي تين بفرنسا وقبله هجوم نيس ومن بعده بلجيكا وألمانيا وقبلهم تركيا ، وامتدادا لدول أكثر حضارة وتطور في مجالي الاستخبارات والمعلومات على غرار الولايات المتحدة الأمريكية واليابان ، يدعوا للتساؤل مرات عديدة حول غياب التنسيق والرقابة الأمنية والضعف الهيكلي في توصيل المعلومات الاستخباراتية هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، لماذا اختار تنظيم داعش هذا التوقيت بالذات ؟، ثم إن طريقة الهجمات والكيفية التي تُدار بها هو الشيء المُحيَر فيها حيث باتت كل النقاط مشبوهة وكل الأشخاص يُحتمل في حملهم أحزمة ناسفة أو مشتبه في تفجير أنفسهم ، فلم يعد التنظيم الإرهابي يعتمد على الجماعات كما كان ، بل لجأ للأشخاص وبأكثر من هجوم متفرق في دولة واحدة حيث يتم تشتيت تركيز الأمن لتنفلت زمام الأمور، وهو ما جعل دول أوروبا ومنها فرنسا بالخصوص وعل لسان رئيسها فرانسوا هولاند الذي صرَح بأن داعش يشُنَ حربا ضد فرنسا وفرنسا تشُن حربا ضد داعش ، جاء ذلك في أعقاب الهجوم على الكنيسة .
هذه الهجمات يراها متابعون أنها جاءت من تنظيم داعش ردا عل التحالف الذي تُشارك فيه عدة دول أوروبية لمحاربة داعش في سوريا والعراق ، ومحاولة منها لتجفيف منابع وموارد الإرهابيين والمتطرَفين الذين لا دين لهم ولا ملَة ، إذ تُعتبر سوريا والعراق معقلا لهذا التنظيم الذي وجد ملاذا خصبا لجلب المنتسبين له من جماعات متشدَدة وطوائف انحصر نشاطها في البحث عن التضليل والأفكار المتطرفة لزرعها وحصد ثمارها في القتل والتقتيل في أبشع صوَره.
ويُشكك كثيرٌ من المراقبين في الدور الأمني الذي تلعبه هذه الدول التي عجزت عن محاصرة هذا التنظيم وفك شفرته عل الرغم من الترسانة المعلوماتية وأجهزة الاستخبارات التي تمتدح بها ، فيما يتساءل البعض عن مستقبل المسلمين واللاجئين في هذه الدول والكيفية التي يُتعامل بها معهم في ظل أجواء مشحونة وتوتر عل أكثر من صعيد وفي ظل بعض الإجراءات التي ستتخذها بعض الدول من تشديد للرقابة الأمنية خصوصا بالأماكن التي تتواجد فيها زحمة السكان من مطارات وأسواق ...إلخ علَها تخفَف من حالة القلق والتوتر التي يمر بها الأوروبيون الذين باتوا يُسارعون الزمن لعودة السلم والأمن لبلدانهم التي دخلت عل خط حرب الإعلام والمعلومة.