كسل سياسي
تبدو الاحزاب السياسية في الاردن، مجرد ديكور في الحياة السياسية، تعتاش على دعم الحكومات المالي، من اجل استكمال الصورة الديموقراطية امام العالم. هذا العالم، ليس غبيا، كما يظن البعض. هو يعرف ان هذه احزاب بلا قواعد شعبية، ولايمكن لها ان تكون مؤثرة في ظل الذهنية السلبية المتوارثة ازاء العمل الحزبي، وفي ظل انفضاض الناس، عن السياسة اساسا، لصالح ملاحقة رغيف الخبز، اضافة الى معرفة الناس ان الاحزاب في الاردن، على الاغلب، مجرد واجهات لاشخاص، تنسق مع كل الجهات الرسمية، حتى في بياناتها التي تبدو ذات نكهة معارضة وغاضبة وثورية، وفي حالات تستأذن مسبقا، بأن تبدو غاضبة، حرصا على سمعتها. مناسبة الكلام، هذا العجز الذي نراه كل انتخابات، ازاء قدرة الاحزاب على خوض الانتخابات، وهذه الانتخابات التي تتكسب من موائد الحكومة، وفتات الخزينة، لاتبذل اي جهد للوصول الى البرلمان، عبر شعار حزبي، بل ان اي شخص يصل الى البرلمان، يوظف حضوره الشخصي، او العائلي، للوصول وليس برنامجه الحزبي، في تعبير بشع عن التزواج النفعي بين العائلة والحزب السياسي. تعدد معا اسماء عشرات اسماء الاحزاب، وجلها غارق في الدور الوظيفي المطلوب، ولا احد منها قادر اساسا على التمدد ولاهو يريد ذلك، فهو يفهم مسبقا انه مجرد ديكور، ولايجوز له التحول الى قطعة اثاث حقيقية في الحياة السياسية في الاردن، فتكتفي هذه الاحزاب بتلقي المعونات المالية، المفترض ان تذهب للفقراء، مع اصدار البيانات، وهو دور سلبي جدا، لايختلف عن الدور الشكلي لوزارة التنمية السياسية، فالطرفان يحققان ذات الغاية، رسالة فقط دون مضمون، وشكل دون جوهر حقيقي. اذا كان هناك انفضاض شعبي عن الانتخابات فان مرده سمعة المجالس النيابية، واداء النواب، وتغول الحكومات على النواب، وانقطاع الحبل السري بين الناس والنواب، وحالة الطحن الاقتصادي، فلماذا لم تبذل اي جهة اي جهد لترميم هذا الحبل، فالكل يتفرج اليوم على شعب يراد ان يتم استدراجه كي ينتخب، وهو لايسمع لاحد، ولايصدق احدا، واذا كان هناك لوم على ذات النواب، فإن الاعلام والاحزاب وغيرهما، لعبوا ذات الدور، اي اماتة الحياة السياسية في الاردن، واستبدالها، بشعارات وعناوين. لاجل كل هذا يصير الكلام عن الاصلاح السياسي، شعاراتيا فقط، وقد آن الاوان ان تتم مراجعة كل المنظومة السياسية في الاردن، بما في ذلك عشرات الاحزاب وانظمتها وتكسبها الرسمي للدعم والرعاية، فلم يعد مناسبا ان ندير المرحلة بأدوات بائدة، غير مؤثرة، ومتورطة ايضا في الصورة المزورة للحياة السياسية هنا، ثم فوق كل هذا نمول هذا الكسل السياسي، والحضور المزور. فقط وجهوا سؤالا واحدا لهذه التكايا السياسية، عن قدرتها ووجودها بين الناس، ودورها في الانتخابات المقبلة وعما فعلته خلال السنين الماضية ،غير الكسل المشرع بقانون، بانتظار دعوة من هنا او هناك، فجردة الحساب، مهمة، بعد كل هذا الدعم المالي والسياسي، وهو دعم يجب ان يخضع للمراجعة.
(الدستور 2016-08-09)