لماذا تريد إيران تغيير ديمغرافية المدن العراقية؟
بعد احتلال العراق عام 2003 على يد أمريكا وأذنابها، وما تبعه من أحداث تخريبية لمسلسل التدمير الممنهج من أبرز حلفائها في المنطقة والمتمثل بـ"إيران" ودورها التخريبي القذر الذي أوكلته لها واشنطن، حيث أصبحت أرض الرافدين سبية، وحديقة خلفية لأبناء فارس، يتحكمون بها كيفما يشاؤون بغية فرض سياستهم وأجنداتهم على المنطقة العربية برمتها، وهذا ما أكده المرشح الأمريكي الجمهوري "ترامب"؛ إذ اعترف أن ساسة بلاده قدموا العراق لقمة سائغة لإيران بعد انسحابها منه، وتركوا مستقبل المنطقة العربية مرهونا لمن يقدم الولاء والطاعة لهما.
لقد بدأت طهران تخطط بطريقة عدوانية من أجل السيطرة على الممرات الإستراتيجية داخل العمق العراقي، وربطها بأذرعتها الممتدة في الشرق الأوسط من خلال التغيير الديموغرافي الذي تسعى إليه لتجعل آلية نقل المرتزقة والمعدات تحت سيطرتها، وقد كان باكورة عملها متمثلا داخل مدينة ديالى، ذات الأهمية الجيو سياسية من حيث البعد المستقبلي لهذه المدينة.
مدينة ديالى
تكمن أهمية هذه المدينة المتاخمة حدوديا مع جغرافية إيران الشاسعة مع العراق، باعتبارها ممرًا حيويًا يربطها مع إقليم كردستان العراق وبغداد وإيران بالإضافة إلى طول الحدود التي تجمعها بإيران كما أنها تشكل ممرًا قصيرًا بين إيران وبغداد، وعن طريقه تستطيع القوات الإيرانية الوصول إلى بغداد خلال ساعة، كما تمثل أقصر طريق بري من إيران إلى سوريا في ظل سيطرة "تنظيم داعش على مناطق واسعة شمالي العراق وغربيه"، حيث تقوم إيران بتنفيذ إستراتيجية التهجير القسري المباشر، أو غير المباشر، وتأمين خطوط الإمداد مع بغداد. وهذا يعني أن إيران تتحرك بحرية وبمباركة أمريكية صريحة، وتختار الطريقة التي تراها مناسبةً لها في ظل غياب الدعم العربي للقوى والعشائر العراقية الأصيلة في ديالى، وغيرها من المناطق الأخرى، الأمر الذي دفع فيلق قدس الإيراني للعمل علنًا على بسط هيمنته، ونفوذه على هذه المدينة الحيوية.
مدينة النخيب
لقد اختار نظام الملالي في إيران هذه المدينة الإستراتيجية دون غيرها من أجل أن يجد له موطئ قدم يستند إليه، فوجد المكان المناسب في أرض النخيب وصحرائها، ودفع الميليشيات التابعة له للسيطرة على الناحية التابعة لمحافظة الأنبار المتاخمة لحدود محافظة كربلاء؛ بذريعة وحجة الإرهاب، معتبرةً هذه البقعة منصة الانطلاق للمجاميع الإرهابية، حيث أكدت شخصيات عشائرية وسكان محليون أن الميليشيات التي تنضوي تحت مظلة الحشد الشعبي، والتي تسببت بثلم مواقفها الوطنية ودمائها الزكية التي أريقت دفاعا عن الحق ضد الباطل، من خلال التستر بهذه المنظومة، حيث سعت هذه الميليشيات إلى إحكام السيطرة على ناحية النخيب، وعمدت إلى تهجير الأهالي بالقوة؛ محاولة إحداث تغيير ديموغرافي في مناطق جنوب غربي الرمادي، واستحداث خندق طائفي بعد السيطرة على هذه الناحية التي ترتبط بجغرافية مفتوحة مع مدينة الفلوجة وعامرية الفلوجة في الأنبار، كونها تعد الجناح الشرقي لقضاء الفلوجة، الذي يهدف إلى إعادة رسم الخريطة، وتغيير التركيبة السكانية في العراق، حيث إن الخندق والجدار الرملي المجاور له يمر عبر أراضي عشائر سنية تقليدية حوصر سكانها، وأجبروا على ترك أراضيهم فيما بعد، هذا من جانب النخيب وجانب جنوب عامرية الفلوجة بالإضافة إلى طول الحدود الإدارية التي تربط محافظة الأنبار مع محافظات الجنوب، حيث تمثل رأس الحربة من حيث الانطلاق ضد (السعودية والكويت والأردن) ضمن أهداف عدوانية وتوسعية لدول الجوار العراقي.
مدينة جرف الصخر
كانت هذه المدينة التي تبعد (60 كم جنوب غربي بغداد) عصية على القوات الأمريكية إبان الاحتلال الأمريكي للعراق 2003 - 2011، وأصبحت اليوم نقطة لانطلاق الميليشيات المدعومة من إيران إلى المناطق "السنية"؛ للقيام بعمليات القتل، والخطف في المناطق القريبة منها، والتي اتخذتها سجنًا لاعتقال المواطنين لدواعٍ "طائفية ومادية، ومنذ ذلك التاريخ تمنع الميليشيات عودة أهالي المدينة إليها، بذريعة أنها ما زالت غير آمنة؛ بسبب وجود عبوات ناسفة زرعها التنظيم في مناطق متفرقة ومنازل فيها، إلا أن أهلها الذين نزحوا منها مع بدء المعركة ضد تنظيم داعش أكدوا وجود خطة طائفية رسمها النظام الإيراني لتغيير ديموغرافية هذه المدينة.
(المصدر: الشرق القطرية 2016-08-15)