نصر اللـه إذ يوجه رسائل نصح لــ«التكفيريين»!!
يوم السبت الماضي؛ أظهر أمين عام حزب الله حسن نصر الله حنانا غريبا على من يسميهم “التكفيريين”، ووجه إليهم رسائل “ناصحة”، ومن أجل مصلحة الإسلام والمسلمين، وذلك بعدما قدم (مستعينا بمواقع الإنترنت) الأدلة على أنهم صناعة أمريكية، تماما كما فعل ترامب قبله بأيام، ثم اضطر للقول إنه كان يسخر فقط. حين يضطر نصر الله إلى الاستنجاد بمواقع الإنترنت، وبكلام الجنرالات المتقاعدين، فاعلم أنه فقد المنطق والحجة، مع أنه يخاطب مريدين، بينما لم يعد يهتم بكلامه سوى قلة ضئيلة من أبناء الغالبية في المنطقة (نهتم بها كإعلاميين). وفي الخطاب الذي نحن بصدده جاهد من جديد لإثبات أن “التكفيريين” صناعة أمريكية، واستشهد بالعراق وأفغانستان، مع أن المفارقة أن هؤلاء “العملاء” هم من أرهقوا الأمريكان في البلدين، وبخاصة في العراق. ألم يكونوا يقاتلون الأمريكان، ويتحالف معهم بشار الأسد، حتى هدده حبيب نصر الله (المالكي) بمحاكمته أمام محكمة الجنايات الدولية لأنه يرسل السيارات المفخخة إلى العراق؟! هل نسي نصر الله ذلك؟!! ما علينا.. نعود إلى النصيحة الذهبية التي قدمها نصر الله للمجرمين التكفيريين!! وهنا نقتبس نص كلامه: “سأوجه خطابا لداعش ولجبهة النصرة، ولكل هذه الجماعات التي ما زالت تقاتل في سوريا وفي العراق وفي اليمن وفي ليبيا وفي سيناء، لأقول لهم إذا كانوا ما زالوا يسمعون الصوت، إذا كان هناك القليل من العقل، هناك إمكانية تأمل: يا جماعة أنتم تم استغلالكم خلال خمس سنوات لتدمير محور المقاومة ولتدمير شعوب المنطقة ولتدمير آمال هذه المنطقة لتقوم على أنقاضها أنظمة ضعيفة خانعة، عميلة، خاضعة للأمريكي والإسرائيلي، إذا عندكم حق ما زال هناك شيء من الإسلام، هناك شيء من الحب للنبي، هناك شيء من العلاقة بالقرآن.. أوقفوا هذا القتال لمصلحة أمريكا في المنطقة، أوقفوا هذا القتال، ألقوا هذا السلاح، نتكلم بمصالحات، نتكلم بتسويات، ربما يكون هذا الكلام فيه مبالغة، نعم أنا أدعو اليوم كل أولئك الذين لا زالوا يحملون السلاح، ونحن نأسف عليهم ونأسى لهم، هؤلاء الذين يسمون أنفسهم استشهاديين؛ هؤلاء انتحاريون، انت تنتحر وتقتل إخوانك من أجل من؟ من أجل أي هدف؟ في حلب أو في الموصل أو في دير الزور أو في درعا أو في أي مكان في سوريا أو في العراق، وتفجر نفسك في بغداد وتفجر نفسك في دمشق وتفجر نفسك في المدن اليمنية، في خدمة من؟ مشروع من؟ من أجل من؟ لعيون من؟. يا جماعة إجلسوا فقط فكروا قليلا، فقط فكروا قليلا ستكتشفون أنه تم استغلالكم وأنه آن وقت حصاد بعضكم؛ وهو داعش وحصاد الباقين آتٍ عندما لا يعودون بحاجة لهم”. انتهى الاقتباس. كلام جميل!! يستحق النقاش، أو الرد بتعبير أدق. والرد يبدأ بسؤال: هل أطلقت الشعوب ربيعها الذي طعنته إيران وأنظمة الثورة المضادة من أجل إنتاج أنظمة خانعة؟! هل نسي نصر الله أن سيده خامنئي وصف الربيع بأنه صحوة إسلامية قبل أن يتحوّل عنده إلى مؤامرة صهيونية حين وصل سوريا؟!. السؤال الآخر: أين كان هؤلاء الذين يخاطبهم نصر الله بعد انطلاق ربيع العرب؟ الجواب: كان أسامة بن لادن يبشر بربيع العرب كتحول تاريخي، وبوضع السلاح، وكان تنظيم داعش مطاردا في العراق، بينما ذهب العرب السنّة للانتخابات في 2010، ولم تكن هناك جبهة نصرة. ماذا جرى بعد ذلك؟ رد المالكي (رجل إيران) على العرب السنّة بمزيد من الطائفية والإقصاء، وحين وصل ربيع العرب سوريا كوضع طبيعي ضد طاغية فاسد، ردت إيران بدعمه ضد شعبه، ثم تم دفع أقلية تابعة لإيران لسرقة ثورة شعب في اليمن، فعادت الظاهرة الجهادية إلى قوتها. فمن هو المسؤول عن هذا الحريق، وهذا الموت بعد ذلك كله، وهل ثار الشعب السوري لكي يخدم الصهاينة، وهل سُرقت ثورة شعب اليمن بالتعاون مع الطاغية نكاية بأمريكا؟! إنه المنطق السقيم، بل الساقط. مقابل هذه النصيحة الذهبية لنصر الله، هناك نصيحة هو أولى بها، أو سيده خامنئي بتعبير ادق؛ خلاصتها إن حربك المجنونة هذه لتغيير حقائق التاريخ والجغرافيا لا صلة لها بإسرائيل ولا بأمريكا، وأنت تعلم ذلك، وهي حرب لن تربحها ولو استمرت مئة عام، فخير لك أن تختار الرشد وتجلس مع العرب وتركيا لتسوية معقولة تنحاز للتعايش بدل الموت، وتكف عن خدمة الصهاينة والقوى الاستعمارية. هل من بقية عقل للاستماع؟ نرجو ذلك.
(الدستور 2016-08-16)