واشنطن ترد في الشمالين .. السوري والعراقي !

تم نشره الإثنين 22nd آب / أغسطس 2016 12:47 صباحاً
واشنطن ترد في الشمالين .. السوري والعراقي !
محمد كعوش

المتابعون باهتمام وباستمرار التطورات المصيرية التاريخية في شمال سوريا يلاحظون حركة التغيير المتسارعة في تشكيل التحالفات ، وخصوصا على المحور الروسي التركي الايراني السوري ، الا ان الاستدارة التركية الجديدة « التكويعة التركية « التي تتم بالتقسيط ، تحتاج الى بعض الوقت لاكتمالها ، من أجل أن تكون استدارة الحكومة التركية مبررة ، ومقنعة للشعبين التركي والسوري معا ، لأن سجل سوابق سياسة انقرة في سوريا طافح بالعداء التراكمي ، حتى تحول الى قضية عناد ذاتي ، وعداء شخصي للنظام السوري وقيادته ، لدرجة أن الرئيس اردوغان ، وبسبب احلامه واوهامه ، منح لنفسه الحق بالحديث ، في وقت قريب مضى ، عن شكل الحكم المستقبلي في دمشق ، وحتى التدخل في اعادة صياغة مستقبل الشعب السوري ، وكأن سوريا تحولت الى ولاية في الامبراطورية العثمانية .

في البداية ، فتحت تركيا اراضيها لمعسكرات تدريب مقاتلي التنظيمات المسلحة الارهابية العاملة في داخل الاراضي السورية ، وبلغ عددهم حوالي 360 ألف متطوع ينتمون الى 93جنسية . كذلك فتحت حدودها امام تسريب المقاتلين ، وتهريب الاسلحة والاموال لهذه التنظيمات منذ بداية الحرب الداخلية حتى ايام قليلة مضت ، وبالتحديد ، بعد اشتعال النيران في قلب تركيا واطرافها ، اضافة الى الحدث الأهم وهو وقوع الانقلاب العسكري الذي فشل ، بعدما هز تركيا وادخل قيادة اردوغان في صدمة طويلة ، انعكست نتائجها على التحالفات الدولية والاقليمية ، والحرب في سوريا .

عندما استيقظ الرئيس اردوغان وحكومته وحزبه الحاكم من الغفوة ( الصدمة ) ، وجدوا ما لا يسر الخاطر ، حيث حقق المسلحون الاكراد تقدما كبيرا في الشمال السوري ، بدعم عسكري اميركي وبريطاني وفرنسي . ولاحظت حكومة انقرة أن العملية العسكرية الكردية ، المتمثلة باجتياح منبج والهجوم الشامل على القوات السورية المتواجدة في الحسكة ، تجاوزت اهدافها المعلنة ، وتعدت حدود محاربة داعش ، وأن هذه القوى المحلية والدولية تعمل على رسم حدود اقليم كردي متصل جغرافيا في شمال سوريا .

ما أقلق تركيا اكثر ، هو لجوء واشنطن الى لعب ورقة الاكراد في المنطقة ، خصوصا بعد التصريحات الرسمية الاميركية بشأن تعزيز القوات الاميركية في قاعدة الرميلان السورية ، اضافة الى تحليق الطائرات الحربية الاميركية في اجواء الحسكة لحماية الاكراد ، ومنع الطائرات السورية من القيام بواجبها الحربي في اجواء المنطقة ، بحجة الدفاع عن النفس ، وحماية جنود المارينز العاملين مع القوات الكردية تحت عنوان ( مستشارون عسكريون ) .

هذا الدور الاميركي يذكرنا بعملية خليج تونكين ،عندما تم تسريب خبر ملفق كاذب يفيد ان قوارب فيتنامية شمالية هاجمت سفينة اميركية في الخليج الفيتنامي واغرقتها ، وهو الخبر الذي دفع الكونغرس الى تخويل الرئيس ليندون جونسون ارسال قوات اميركية كبيرة الى فيتنام ، واشعال الحرب الطويلة المدمرة ، التي عرفنا كيف بدات ومتى وكيف انتهت . وما نخشاه اليوم ، او في وقت لاحق ، هو أن تقوم الادارة الاميركية بارسال قوات المارينز الى الشمال السوري بالتقسيط من اجل تنفيذ مشروع التقسيم ، الذي فشلت التنظيمات الارهابية المدعومة اقليميا ودوليا في تحقيقه عبر محاولة اجتياح حلب التي باءت بالهزيمة والفشل .

والمقلق أكثر أن الاعلان عن القرار الاميركي بتعزيز القوات العسكرية المتواجدة في الشمال السوري ، جاء بالتزامن مع التمدد الكردي في شمالي العراق وسوريا ، وجاء عقب تصريحات مسعود البرزاني بعدم الانسحاب من المساحات الجديدة التي تمركزت فيها قوات البشمركة الكردية ، والتي اصبحت قريبة من الموصل ، مع ضرورة التذكير بان البرزاني اعلن ضرورة الانفصال عن العراق ، يعني اعلان قيام الدولة الكردية المستقلة .

اعتقد ان هذه التطورات ، التي تحدث بقرار اميركي ، تحمل رسائل واضحة الى موسكو وانقرة ، وهي الرد الأميركي العملي ضد التنسيق الروسي التركي في المنطقة ، كما هي رسالة الى التحالف الروسي الايراني السوري . وربما فهمت موسكو فحوى الرسالة فقامت سفنها بالبحر المتوسط بالرد عبر اطلاق صواريخ « كاليبر « المجنة بعيدة المدى ( 2600 كلم ) ، والمزودة بحشوة شديدة الانفجار زنة نصف طن ، كما انها معدة لحمل رؤوس نووية ، وجاهزة لضرب اهداف بحرية وبرية .

هذه التطورات مرعبة ومخيفة ، وهي في تصاعد متواصل ، ولكن هذا الصراع بين القوى الكبرى في سوريا وعليها ، لا يشكل حربا عقائدية ، بل هو صراع حول المصالح ، لذلك من الممكن أن يكون التصعيد الذي اشتد هو في نهايته ، ومن اجل انفراج الازمة واللجوء الى الحل السياسي في نهاية الدرب ، كما تنتهي كل الحروب .

(الرأي 2016-08-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات