الطبقة الوسطى: الصوت المفكّك!

تم نشره الثلاثاء 23rd آب / أغسطس 2016 12:18 صباحاً
الطبقة الوسطى: الصوت المفكّك!
محمد أبو رمان

ليس المقصود في هذا المقال الطبقة الوسطى حصرياً، بل كل من يشترك معها في همّ الإصلاح والتغيير؛ وإن كانت هذه الطبقة (مع عدم التوافق على تعريف دقيق لها) ممتدة بين شرائح اجتماعية واسعة وعريضة، تبدأ من العليا إلى الدنيا (اقتصادياً بالطبع)، وتشمل مهناً مختلفة (أطباء، مهندسون، أساتذة جامعات، معلمون، محامون، فنيون، وغيرهم).

إذن، المقصود هنا، هو الطبقة الوسطى بالمعنى الاجتماعي والثقافي؛ تلك الشريحة الاجتماعية العريضة التي تمتلك مؤهلات علمية ومهنية وفنية. وهي الشريحة المتحرّكة عموماً في المجتمع، التي تبحث عن الإصلاح الأفضل للبلاد، لشعورها بأنّ مصالحها مهددة تحت وطأة الأزمة الاقتصادية أو لعدم رؤيتها أفقا سياسيا، أو لقلقها مما يحدث حولنا في المنطقة، أو من تحولات اجتماعية داخلية مزعجة، مثل المخدرات والداعشية وتضعضع السلطة الأخلاقية في المجتمع.

راهنت الطبقة الوسطى، عموماً، على "الربيع العربي"، قبل أن تجتاحنا الثورة المضادة ومآلاتها في مصر وسورية واليمن، وتخلق المناخات المرعبة الجديدة؛ من حروب أهلية وفوضى وشيطنة من محاولات التغيير والإصلاح، ما دفع بجزء من هذه الطبقة إلى تغليب اعتبارات الخوف على الأمل!

تمثّل الانتخابات النيابية المقبلة فرصة مهمة لهذه الطبقة (أردنياً) لتخلق فارقاً، ولو جزئياً، في نتائج الانتخابات، عبر تحديد جدول أعمالها ورؤيتها، واختيار النواب الأفضل لتمثيلها. فكل أفراد هذه الطبقة مدعوون اليوم إلى المشاركة في تجاوز الأفكار المعلّبة المسبقة المتشائمة من نتائج الانتخابات النيابية، والعمل على إيجاد كوّة في جدار الإحباط.

لا نتحدث عن الطبقة الوسطى بوصفها كتلة صمّاء أو جدول أعمال توافقيا، أو تيارا متسقا، أو كتلة صوتية موحدة. لكن، مبدئياً، فلتبدأ بفكرة التجمّع عبر المبادرات الشبابية (وهي ظاهرة بدأت بالتشكّل)، أو نقاشات في العالم الافتراضي بشأن تقييم القوائم والبرامج، أو حتى على سبيل الاختيارات الفردية التي تعطي الأولوية لاختيار الأفضل سياسياً، لا لاعتبارات عشائرية أو جهوية؛ الذي يقترب اقتصادياً وسياسياً من مطالب ومصالح هذه الطبقة العريضة في المجتمع.

الرسالة التي أحاول تقديمها عبر هذا المقال، تتمثّل في الخروج من حالة الإحباط واليأس واختلاق الأعذار من قبل نسبة كبيرة لا ترى في الانتخابات أي أفق للإصلاح، بينما لو جمعنا هذا الصوت "المتأفف" لوجدنا أنّه يمثّل شريحة اجتماعية عريضة تسعى إلى الإصلاح بوصفه "جدار الأمان" لها وللبلاد ولمستقبلنا جميعاً.

الإصلاح!

هل كلمة الإصلاح تكفي؟ أليست هناك منظورات متباينة ومتعددة للإصلاح والتغيير؟ ألا توجد اختلافات أيديولوجية وسياسية كبيرة بين القوائم والمرشّحين؟ ما الذي يجمع -إذن- أبناء الطبقة الوسطى الإصلاحيين برأيي؟!

هنا، تحديداً، من الضروري للجميع استحضار "روح الربيع العربي" في الحملات الانتخابية ومعايير التصويت والبرامج المطروحة؛ "الربيع العربي" الذي أطلقته الطبقات الوسطى في مصر وتونس، وتجاوز في شعاراته ومطالبه الإصلاحية الخطابات الأيديولوجية، فرُفِع شعار: "خبز، حرية، عدالة اجتماعية"، ورفعت شعارات محاربة الفساد والمطالبة بالديمقراطية.

مثل هذه المطالب يمكن توسيعها وتطويرها عبر البرامج الانتخابية، لتشكّل مجتمعة "أرضية مشتركة" حيادية -بدرجة كبيرة- أيديولوجيا، تمثل "المظلة الإصلاحية"، وتركّز على تجذير قيم المواطنة والحريات العامة وحقوق الإنسان، ومكافحة الفساد، والعدالة الاجتماعية، ودولة القانون، ومراجعة القوانين الضريبية والتنمية الاقتصادية. ويمكن أن نضيف لها، في ضوء التغييرات الجديدة، مواضيع الشباب والتسامح ومكافحة التطرف.

الانتخابات المقبلة فرصة مهمة لأبناء الطبقة الوسطى الإصلاحيين لكي يلتقوا مرّة أخرى على ما يجمعهم ويقوّي صوتهم.

(الغد 2016-08-23)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات