لندعم الدولة المدنية الديمقراطية

تم نشره الأربعاء 31st آب / أغسطس 2016 12:23 صباحاً
لندعم الدولة المدنية الديمقراطية
مروان المعشر

نادرا ما يرى المرء هذه الأيام ما يعطي الأمل بتقدم الحياة السياسية في الأردن ولو ببطء نحو الدولة المدنية الديمقراطية التي تحتوي أبناءها وبناتها كافة، من مختلف الاتجاهات المدنية والدينية؛ فتحتفي بهم وتضمن لهم حقوقهم في حرية الرأي والتعبير عن معتقداتهم.

في القرن الواحد والعشرين، ما نزال نعيش زمن الاتفاق على شروط الجلوة، وجواز تعزية غير المسلم، وغيرها من القضايا التي تعداها غيرنا منذ زمن. كم أتمنى لو رأيت مثل هذه النقاشات تأخذ نفس الحيز من الاهتمام لدى مناقشة مواضيع مثل سيادة القانون على الجميع واعتباره المظلة الرئيسة للناس على مختلف مشاربهم.

لا بد لي من الاعتراف أن معنوياتي ارتفعت كثيرا لدى حضوري، قبل أيام، حفل افتتاح مقر قائمة "معاً" التي تنادي بدولة مدنية ديمقراطية، ومواطنة، وعدالة، وأمان للجميع. وشعوري هذا ليس نابعا من سذاجة تعتقد بإمكانية تحقيق شعارات القائمة خلال وقت قصير، ولكن لأن الآلاف التي حضرت الاحتفال، وجلهم من أبناء وبنات الطبقة الوسطى، إضافة الى حضور شبابي متميز، أعطتني الأمل بأن هناك تيارا مدنيا ديمقراطيا لم يعد يقبل بقواعد لعبة تُفرض عليه أحيانا، ومن اتجاهات تحاول تفسير الدين لغاياتها أحيانا أخرى.

للمرة الأولى، سمعت كلاما علنيا حول المدنية والديمقراطية في منتهى الجرأة والوضوح بشأن الأهداف التي تسعى القائمة إلى تحقيقها. تكلم أعضاء القائمة عن ضرورة العمل من أجل مواطنة متساوية للجميع؛ نساء ورجالا، مسلمين ومسيحيين، من دون الالتفات للمنابت والأصول. كما كان هناك حديث صريح حول علاقة الانسان بربه، وكونه هو من يجب أن يحدد هذه العلاقة، وليس فرضها عليه أو عليها؛ لا من حيث الشكل أو الأكل أو الشرب أو المعتقد، عملا بالآية القرآنية الكريمة: "لا إكراه في الدين". وأعجبني مجاهرة العديد من أعضاء القائمة، كما في كلمة إحدى الناشطات الشباب، بحبهم للفن والموسيقى والمسرح، وليس لأحد إنكار هذه النشاطات التي تهذب الروح عليهم. كانت المواطنة المتساوية حاضرة بقوة سواء في الكلمات التي ألقيت، أو في تنوع الحضور.

من حق، بل من واجب هذا التيار المدني الديمقراطي أن يُسمع. ولطالما اعتقدت أن أعدادا كبيرة تؤمن بهذا التيار، ولكنها بقيت ساكتة أو عاجزة عن تنظيم نفسها ضمن أطر تسمح لها بالتعبير عن نفسها. الأعداد التي رأيتها أعطتني الأمل بأن هناك من هو مستعد لإعلاء صوته بضرورة الوصول إلى مجتمع مدني ديمقراطي، من دون خوف أو حياء من هذا الطرح. وهذا تطور إيجابي، وبداية جيدة.

ما أرجوه هو أن يكون سأم هذه المجموعات من طروحات تقليدية لا تلبي حاجاتها، سيدفعها ليس فقط إلى حضور افتتاح مقرات القوائم التي تنادي بهذا الطرح، بل أيضا إلى الذهاب في يوم الانتخابات لصندوق الاقتراع وانتخاب من تشعر أنه ينسجم مع حلمها بالدولة المدنية والديمقراطية. والصفتان متلازمتان؛ فليس المطلوب دولة مدنية من دون أن تكون ديمقراطية، ولا أن تكون ديمقراطية من دون أن تكون مدنية، وإلا فلن نفعل إلا ترسيخ السلطوية من أي جهة كانت.

مساوىء قانون الانتخاب الحالي كثيرة. والعزوف والإحباط الشعبي من المجالس النيابية، مبرران نتيجة القوانين القاصرة، وتغول السلطة التنفيذية على المجالس النيابية. لكن ذلك لا يجب أن يحول دون ذهاب الناس للتصويت، خاصة لقوائم فكرية كقائمة "معاً"، لا تعتمد الأسس العشائرية، بل تنادي بأفكار لن ننجح في الوصول لمجتمعات متقدمة من دونها.

لن يتم التغيير بين ليلة وضحاها. لكنه حتماً لن يتم إن جلس الناس في البيت يوم الاقتراع. التيار المدني الديمقراطي بحاجة إلى إسماع صوته وإثبات قوته.

(الغد 2016-08-31)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات