توظيف الإسلام وفلسطين سياسيا
بات واضحا ان اغلبية الناس، تتحسس من الشعارات الانتخابية، وتلك البرامج، التي تعتمد الدين واشتقاقاته، وفلسطين واشتقاقاتها، والسبب في ذلك معروف، ويعبر اساسا عن حاجة الناس، لشعار وبرنامج قابلين للتطبيق اولا، في ظل الحياة الصعبة التي يعيشها الجميع. سابقا، كانت الشعارات المرتبطة بالاسلام، وفي مرات مرتبطة بفلسطين، تترك اثرا حادا على الجمهور، فهي تعبر اولا عن هوية المرشح للانتخابات النيابية، واتجاهه السياسي، وتلعب دورا في تكييش الاصوات، لصالح المرشح، سواء كان هذا المرشح صادقا، ام متاجرا بهذه العناوين، ولعبت خبرة الناس دورا كبيرا في التجاوب مع الشعارات والبرامج، اذ كانت حاسة الاختبار في بدايتها، فوق اعتقاد الناس، ان تسييل هذه الشعارات امر ممكن بهذه البساطة. بعد مرور كل هذه السنين، لم تعد الاغلبية الكبيرة، تتوقف طويلا عند هذه الشعارات والبرامج، فقد اختبرت فعليا، عدم قدرة اصحابها سابقا، على فعل شيء، خصوصا، ان المبالغة بهذه الشعارات والبرامج ادى الى نتائج عكسية، فلا احد قادر على اقامة الاسلام مثلما يعد الناس، ولااحد قادر على فعل شيء لفلسطين، وهكذا تحولت هذه الشعارات والبرامج الى حالة سلبية.. ارتدادات غير حميدة جراء الافراط في شعارات وبرامج غير قابلة للتطبيق، لاعتبارات كثيرة. امام منسوب المشاكل التي تهدم الجبال، ما الذي يمكن ان تفعله كل هذه الشعارات والبرامج، وهل كل هذا الكلام الجميل، يخفف من مديونية الفرد او البلد، او يحسن خدمات الصحة، او يخفف رسوم الجامعات، او يحسن الخدمات، او يستجلب العدالة، او يفتح وظائف جديدة؟!. بهذا المعنى تصير الشعارات مجرد فخ، لصيد الاصوات فقط، ونحن هنا لانشكك في دوافع اصحابها، ولافي حسن نوايا المتجاوبين، لكن بكل صراحة، الناس اكتشفوا ان كل هذا مجرد تعبير عن موقف الشخص المحمود من فلسطين ومن الاسلام، لكنه امر لايتحول الى سبب لتحسين اداء النائب، ولا لحل مشكلات البلد، فتتراجع اوضاع الناس، وتبقى الشعارات حبرا على ورق، وكأنه يراد احيانا احداث ارتداد سلبي على ذات مضمون الشعارات، بعد فشل اصحابها، في تجسير الهوة بين الشعار والبرنامج، كوسيلة لاجتذاب الاصوات، وواقع الناس، ومشاكلهم. هذا يفسر حجم التحسس الهائل، من توظيف الدين، توظيف فلسطين، وكل ماهو مقدس او جميل في حياتنا، من اجل تحسين السمعة، او جمع الاصوات، فقد بات الناس يعرفون ان كل هذا مجرد جمع اصوات لااكثر ولا اقل، خصوصا، ان لااحد يخون بقية المرشحين الذين لم يرفعوا شعارات دينية او بخصوص فلسطين، بخصوص انتمائهم لدينهم او حبهم لفلسطين، فالمرشح ليس بحاجة هنا، لتقديم شعار يثبت حسن نواياه وطهره الديني والوطني، وهكذا ربما يستفيد الذين لم يرفعوا شعارات وبرامج وظيفية، اكثر بكثير ممن وظفوا كل شيء لاجل وصولهم الى مقعد في البرلمان. لم يعد الناس يصدقون ذاك المرشح «السوبر باور» الذي يقدم برنامجا تعجز عنه دول عظمى، ويعنونه بشعارات دينية جميلة،او شعارات وطنية براقة بخصوص فلسطين، فما نفع الشعارات والبرامج، اساسا، اذا كانت قائمة على المبالغة والتوظيف، فيما تغيب الحلول عن ذات البرامج، بل ان الناس اكتشفوا في برلمانات سابقة، ان كل هذا مجرد «كلام في كلام» وان الخلاصات سيئة، فوق ان الكلفة الارتدادية تعود للاسف الشديد، على العناوين التي تم توظيفها. نريد شعارات وبرامج عاقلة منطقية، لا تتصرف بانتهازية، ولا تتبنى الرخص في جوهرها، ولا تلجأ لاي وسيلة من اجل صوت، فالاسلام وفلسطين اكبر بكثير من هذا التوظيف، هذا فوق استحالة ان تعني هذه الشعارات شيئا، لان الاصل ان كلنا، بلا استثناء، ننتمي الى الاسلام والى فلسطين، بل ان من يتأنى ولا يوظف هذه الشعارات في معاركه الانتخابية، افضل ممن يوظفها، لانه يقول لنا، انه يخجل قليلا، من هذه التوظيفات، اذ ليس كل شيء مباح، للوصول!!.
(الدستور 2016-09-05)