يوم أردني لطاهر المصري
اليوم، الأربعاء، الموافق السابع من أيلول من العام الميلادي ٢٠١٦، هو يوم أردنيّ بامتياز، ولن أقول إنّه عمّاني، أو نابلسي، أو غيره من مسمّيات الزمن الجديد العاثر، المتعثّر، وإنما هو يوم جامع نحتفل فيه بهذا الرجل الجميل الذي سمّاه أبوه على اسم أبيه طاهر، فكان للاسم كلّ النصيب، وهو لأبي نشأت الذي عرفته المواقع الرسمية، والشعبية، فكان فيها ممثّلاً للضمير، وليس قبل أو بعد هذا من شرف يمكن لمرء أن يفخر به.
ويقولون إنّ السياسة هي فنّ الممكن، وذلك ما تعلّمناه على مقاعد الدراسة، ولكنّ أبا نشأت كان يذهب في السياسة إلى أقصى الممكن، إلى أقصى الأقصى، وهذا ما لم أعرفه من غيره الذين قُدّر لهم أن يكونوا على مقاعد السلطة الشهيّة، وعلى كراسي المعارضة الأشهى بطبعها.
وكثيراً، ما كنتُ معارضاً لطاهر المصري، وكثيراً ما كنتُ مؤيداً له، وفي كل الحالات كان هُوَ هُوَ، لا يرفع الهاتف غاضباً، أو معاتباً، أو مؤيداً، ولكنّنا حين نلتقي في مناسبة ما، كان وجهه دوماً يحمل بسمته الدهرية، وكلامه الدافئ، فيعطي موقفه دون مواربة، ولا تبرير، بل بكثير من الإقناع.
طاهر المصري يُشهر اليوم كتاب عُمره :”حصاد الزمن الصعب”، في مؤسسة شومان الساعة السادسة والنصف، فيقدّم ما نتمنّى أن يكون فاتحة كتب، ليُشجّع معه الآخرين، لأنّهم نادرون، نادرون، من كبار سياسيينا الذين يفعلون هذا الشيء، فالتاريخ في بلادنا صار مجرّد كلام طائر في هواء سياسات اليوم، وأهواء الغد، وأوهام الماضي.
ويبقى أنّ كلامي هذا مُلخّص غير منصف، من شهادة تاريخية للرجل الذي عرفته في مختلف مواقعه، فكان آخرها مزاملته في لجنة عالية المقام للنزاهة الوطنية، والغريب، المريب، العجيب، أنّ ذلك الموقع كان آخر موضع رسمي له، ولكنّه، وبالضرورة فقد تبوأ بعدها الكثير من المناصب الشعبية التي تزيد في أهمّيتها على الرسمية: الوزارات التي شغلها، وما تحت القبّة البرلمانية، وتحت قرميد الدوار الرابع أيضاً.
أمّا آخر كلامنا، فهو ما قاله الراحل الحسين بن طلال له، حين استأذنه بالاستقالة من رئاسة الحكومة: “أنت أشرف من تعاملت معه”، وذلك نيشان ستظلّ يا صديقنا طاهر المصري تحمله على صدرك طوال عمرك السياسي الطويل، الطويل، الطويل، بإذن الله.
(السبيل 2016-09-07 )