إلزامية تشغيل العمالة المحلية
أرادت الحكومة أن تحارب البطالة في المحافظات ، أي في غير عمان والزرقاء والعقبة ، فأصدرت نظاماً يلزم منفذي المشاريع في المحافظات الأخرى بتشغيل أبناء المحافظة التي يعملون فيها وإلزام الشركات الأجنبية بتوظيف مهندسين حديثي التخرج من أبناء المحافظة المعنية ، وإلزام المقاول الرئيسي بإعطاء نسبة من أعمال المشروع لمقاول فرعي من أهالي المحافظة.
هناك إدعاء بأن هذا النظام المخالف لمبادئ السوق الحرة سوف يسهم في تنمية المحافظات وتخفيف البطالة فيها.
أخشى أن العكس هو الصحيح ، وأن من شأن هذا الإجراء رفع كلفة مشاريع المحافظات ، والإساءة إلى مناخ الاستثمار بدلاً من تحسينه.
تعطيل عوامل السوق يؤدي في العادة إلى نتائج عكسية ، في اليونان مثلاً صدر قانون يمنع تسريح العمال والموظفين ، فكانت النتيجة أن معدل البطالة في اليونان هو الأعلى في العالم ، ويصل إلى 50% لأن تعيين موظف أو عامل هو بمثابة زواج كاثوليكي.
إحدى مشاكل الاستثمار في المحافظات أن المستثمر يمكن أن يتعرض للضغوط والتهديد من قبل مراكز قوى عشـائرية تحاول أن تفرض نفسها ، وقلما تتدخل الحكومة لحماية المسثتمر من تغول تلك الزعامات. النظام الجديد يعطي تلك الضغوط مشروعية ، ويزيد من الصعوبات التي تواجه المستثمر خارج عمان والزرقاء والعقبة.
ولعل أبرز الأمثلة على ذلك السلوك ما تعرضت له شركة الفوسفات الأردنية ومقاولوها من ابتزاز كان أحد أسباب الخسائر في الشركة.
هذه القيود وأمثالها لا تخلق وظائف بل أزمات واختناقات ، وتؤدي لعكس الهدف المنشود ، فلا عجب إذا ارتفع معدل البطالة في المحافظات.
المستثمر الأردني والأجنبي سوف يتردد في الاستثمار في المحافظات ، والمقاول الفرعي المحلي سوف يفرض شروطه ، والمقاول الرئيسي سوف يرفع سعره لتغطية التكاليف المفروضة عليه دون لزوم.
الأصل في نظام الاقتصاد الحر أن لرب العمل الحق في أن يعين العاملين في مشروعه ويفصلهم حسب مقتضيات المصلحة كما يراها ، وكل شرط إضافي غير ما ورد في قانون العمل يرفع سعر العطاء وتتحمله الحكومة ومؤسساتها إذا كانت صاحبة المشروع.
هذا النظام لا يخدم مناخ الاستثمار بل بالعكس ، ولا يخلق فرص عمل بل يعيد توزيعها ، ولا يسهل أعمال المقاولين بل يصعبها ، ولا يخفض كلفة مشاريع المحافظات بل يرفعها.
(الرأي 2016-09-07 )