الحكومة والبطيخ !

المدينة نيوز – خاص – كتبت ميس رمضان : الفرق بين بطيخ زمان وبطيخ الآن كبير ومعروف ، تماما كما هو الفرق بين كتاب أمس ومستشاري اليوم .
ولمناسبة موجة الحر ، ولحاجة الأردنيين إلى ترطيب ، نعيد مقالا للزميل المعايطة عن البطيخ والحكومات ، ولنقرأ الفرق بين سميح أمس ، وسميح اليوم الذي لم ينبس ببنت شفة حيال قانون النشر الألكتروني الذي يقول لنا الوزير جمعة : إن الحكومة ستلحق به نشرة توضيحية لـ ( كي لا يفسر خطأ ) . .
تخيلوا : نشرة توضيحة لقانون مؤقت !!..
هو زمن عجيب غريب ، لعله يذكرنا بسميح الذي نريد أن نسأله عبر هذه العجالة : كيف أتت الحكومة التي أنت مستشار لرئيسها الذي يريد إغلاق المواقع الألكترونية ، هل حكومتك على السكين كما قلت في مقالك ، أم حكومة طبطبة ، كما قلت في مقالك أيضا !! ..
إقرأوا مقال المعايطة الذي نشره أيام اللولو :
في الصيف نذهب جميعا الى "معرشات " البطيخ او محلات الخضار للبحث عن بطيخة، فيأتيك العامل يحاول اقناعك انه يخدمك، وبخاصة اذا كان صاحب لسان حلو من الاخوة الوافدين العرب ويبدأ "بضرب " البطيخة بيده، واحيانا يبالغ في الاهتمام فيختار واحدة ويضربها عدة مرات ثم يعيدها الى موقعها، الى ان يحصل على مراده فيعطيك البطيخة ومعها شهادة ضمان لفظية "اذا ما اعجبتك رجعها "، وبكل ثقة تحمل البطيخة الى البيت وتختار وقتا لتعاطيها مع العائلة او للضيوف، وعندما تحين ساعة "الصفر " تكون النتيجة انها بيضاء وطعمها له علاقة بالقطن وليس بالفواكه.
مراجعتنا لطريقة اختيار البطيخة من البائع تؤكد ان ما يفعله الكثير منهم ليس اكثر من عمل روتيني، فما هو داخلها جزء من عالم الغيب و "الطبطبة " على البطيخة لا تعني شيئا، والطريقة المثلى حتى الآن البيع "على السكين " فهي الكفيلة بحماية المشتري من المفاجآت غير السارة.
في عالم السياسة يتكرر الفعل ذاته؛ فهناك حكومات تأتي لا يعرف الناس ماذا سيأتيهم منها، وهل ستقدم عملا جديدا ام ستكرر ما سبق، لكن بعض الأوساط السياسية والاعلامية والطامعين بمنافع يمارسون ما يمارسه البائع من "طبطبة " على البطيخة عبر مديح وتسويق وحديث عن البيان الوزاري ومواصفات الرئيس وطاقمه والانجازات القادمة. فإذا كان الرئيس رجل اقتصاد بشروا بانتعاش ليكتشف الناس انهم مسؤولون ناجحون في تجارتهم وليس في ادارة اقتصاد الدولة، واذا كان يعمل في السياسة كانت المدائح سياسية، وان كان محافظا وجد انصاره ما يشيدون به، وان كان ممن يسمون ليبراليين كانت التحليلات بالحداثة والنمو المتسارع، وهكذا فلكل بطيخة بائع، ولكل سياسة مسوقون.
البيع عبر "الضرب " على البطيخة لا يحمل اي ضمانات، والتسويق والثقة القياسية التي حصلت عليها حكومات من مجالس النواب كانت تسويقا لها عند الشعب الاردني عن غيب، لأنّ المنح كان بالجملة وبكميات تجارية، ولهذا لم يعد للصوت بالمنح دلالة، ولا للمديح السياسي والاعلامي أي اثر. طبعا ليس ممكنا التعامل في السياسة "على السكين " وعلى المضمون، لكن دقة الحساب والموضوعية والرشد في الحكم والتقييم يجعل احكامنا تعطي نتائج معقولة مع نسبة خطأ للتقلبات والمفاجآت.
لا توجد حكومة " كاملة الحلاوة "؛ لكن توجد حكومات تبذل جهدها وفق رؤية واضحة، وحكومات تضع الوهم وتغرق في العمل اليومي وروتين الإدارة الذي لا ينتهي.( الغد 18 – 5 – 2006 ) .