الكلمة الأخيرة.. لمن؟
اليوم يتوجّه الأردنيون إلى صناديق الاقتراع ليدلوا بأصواتهم، ويضعوها في صناديق الاقتراع، التي ستصبح "أمانة" بيد الهيئة المستقلة للانتخابات، وبحماية مؤسسات الدولة، فهل ستصون الدولة الأمانة وتحمي خيارات الأردنيين وتحترمها؟
التأكيدات كافّة بأنّه لا يوجد خطة (ب)، ولن يكون هنالك تدخل في نتائج الانتخابات، وهو المتوقع والمأمول، لأنّ أي سيناريو آخر - لا قدّر الله- سيكون كارثياً ومدمّراً لسمعة الدولة ومصداقيتها وصورتها، بل ولثقة المواطنين بالعملية الانتخابية واللعبة السياسية بأسرها. وهنا الخاسر الأول والأخير لن يكون حزباً معارضاً أو شخصاً محدّداً أو قائمة معينة، بل نحن جميعاً، وفي مقدمتنا الدولة نفسها، وبخاصة الحكومات التي تعاني من اهتزاز شديد بالمصداقية والثقة بينها وبين المواطنين، كما بات يعترف أغلب المسؤولين الكبار في البلاد.
دعونا نعترف أنّ الانتخابات الحالية فرصة ليس للمعارضة الإسلامية للعودة إلى قبة البرلمان وقواعد اللعبة السياسية، ولا فقط للمواطنين الراغبين بإحداث تغيير ولو جزئي في تركيبة مجلس النواب وتحسين شروط الإصلاح السياسي، بل فوق هذا وذاك للدولة نفسها لإنقاذ مؤسسة مجلس النواب مما لحق بها من أذى شديد وتهشيم كبير خلال الأعوام الماضية، وفقد ثقة المواطنين به تماماً.
لا يوجد ما يقلق من نتائج صناديق الاقتراع، والسيناريوهات محسوبة مسبقاً بالورقة والقلم، وسقف التوقعات حتى لدى المعارضة السياسية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين (الأمّ) – التحالف الوطني للإصلاح متواضع، لذلك أي تفكير في التدخل - ولو جزئياً- في نتائج الانتخابات للتأثير على نتائج مرشّح أو قائمة أو قوى معينة هو أولاً تفكير غير عقلاني، عدمي، والأهم من ذلك سيضرّ بالدولة قبل أيّ طرف كان، ولن يخدم سوى المزاج الاجتماعي السلبي المشكّك في مصداقية الدولة وفي جدوى الانتخابات، وسنجد آثار ذلك خطيرة في المرحلة المقبلة!
معركة الدولة الحقيقية والكبرى اليوم ليست ضد أي طرف من المرّشحين، بل هي اليوم في نزاهة الانتخابات ونظافتها وأمنها، بحماية نتائج صناديق الاقتراع، لاستعادة ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية وبجدوى مجالس النواب، وخصم الدولة الحقيقي اليوم هو من لا يريد لهذه الانتخابات أن تنجح وللدولة أن تعبر هذه اللحظة الدقيقة بعلامة نجاح كاملة.
صورة الأردن ستكون عظيمة أمام أبنائه وفي العالم أجمع، عندما نرى هذا المشهد الانتخابي الديمقراطي، فيحتكم الجميع إلى صناديق الاقتراع والفرز السلمي لأعضاء السلطة التشريعية، بينما يحتكم العرب من حولنا إلى السلاح والاقتتال والقتل على الهوية والطائرات والبراميل المتفجّرة والانتحاريين والذبح، فأيّ مقارنةٍ تلك التي تخلقها المقارنة بين هاتين الصورتين، وأيّ دلالات سياسية وإعلامية واقتصادية وثقافية ستتركها تلك المفارقة في الصورة بين المشهدين.
(المصدر: الغد 2016-09-20)
قوة الدولة وعصريتها وحداثتها وفعاليتها وصورتها في الداخل والخارج على المحك خلال الساعات القليلة القادمة؛ فإمّا أن نقول للعالم إنّنا دولة تسير في الاتجاه الصحيح، وإنّنا نخطو نحو مسار ثابت هادئ متّزن إلى الأمام، وإنّ الدولة تكتسب مصداقيتها وسمعتها من العملية السياسية، لا عبر الترهيب والتخويف، وإما أن نخسر هذه المعركة الكبيرة لأسباب سطحية وتافهة، من أجل مناكفة قائمة أو شخص أو حزب معين في الانتخابات!
أنا متفائل بأنّ العقلانية والواقعية والحسابات الدقيقة والراشدة هي التي ستنتصر، وأنّنا لن نكرر بحال من الأحوال مأساة ما حدث في العام 2007!