سوريا: هل بات الخيار «العسكري» طريقاً.. لـِ «الحل»؟
في غمرة الضجة المُفتعلة التي تثيرها الاطراف المُنخرطة في مؤامرة إفشال أي حل سياسي للأزمة السورية, بعد ان اسهمت عواصم عربية وغربية في اطاحة اتفاق لافروف كيري (اتفاق 9 ايلول في جنيف) وحملة التصريحات التي تتباكى على ضحايا قافلة المساعدات «الانسانية» التي يُتّهم فيها سلاحا الجو السوري والروسي (لزوم زج موسكو خصوصاً فيها, كي تتساوى مع المجزرة التي ارتكبها الاميركيون بحق الجيش السوري في دير الزور).. يبدو اجتماع مجموعة دعم سوريا (اي سوريا يدعمون...حقاً؟) مرشح للفشل, وبخاصاة ان عدد المزايدين والمتباكين وذارفي دموع التماسيح على الشعب السوري, اكثر من اولئك الذين يسعون في جدية وحزم لانهاء هذه الأزمة ووضعها على سكة الحل السياسي, بعد ان لم يعد يختلف اثنان على صعوبة، إن لم نقل استحالة الحسم العسكري، الذي ما يزال بعض النافخين في كير الأزمة, يراهنون عليه ويلوحون بأن انهيار «هدنة» 9 ايلول سيعني الذهاب الى دعم مفتوح للجماعات المسلحة, وهم هنا وخصوصاً بعض العرب كما اميركا كيري وكارتر واوباما, لا يُفرِّقون او يفصلون بين تلك التي يزعمون انها معتدلة, ومَن هي مصنفة في خانة الارهاب كما هي حال داعش وجبهة فتح الشام/ النصرة، الأمر الذي أدى الى انهيار «الهدنة» بعد ان أسهمت المراوغة الاميركية في ايصالها الى حال من الترنّح الشديد، كون التلكؤ الاميركي في عدم الضغط على جماعاتهم «المعتدلة» كي تفك ارتباطها بالنصرة, لم يُفض إلاّ الا مزيد من التشدد ورفض التجاوب او اللتزام بنود اتفاق جنيف الذي يبدو»حتى الان» انه بات خلفنا، رغم المحاولات الاميركية «الاعلامية بالطبع» لإنعاشه عبر التصريحات المغسولة التي ادلى بها كيري.
ما علينا..
عادت الاسطوانة المشروخة عن ان «لا» مكان للأسد في المرحلة الانتقالية, للتداول في حرب المزايدات المندلعة بين اطراف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية وخصوصاً على لسان الرئيس التركي اردوغان في حديثه لوكالة رويترز على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت اعمال دورتها الجديدة يوم أمس, ما يكشف ضمن امور اخرى, ان الرجل الذي ما زالت قواته المسلحة تحتل اجزاء واسعة من الشمال السوري ويُهدِّد في غطرسة وصلف «ان المساحة التي ينوي جيشه العثماني الاطلسي السيطرة عليها لاقامة ما يحلم به منذ خمس سنوات ونصف السنة (المنطقة الآمنة) ستصل الى خمسة آلاف كيلومتر مربع, يكشف ذلك – حجم المؤامرة الاطلسية العثمانية وبعض العربية, لمواصلة قضم الاراضي السورية وتحويل الامر الواقع الذي يُحاولون تكريسه, الى تقسيم «فعلي» لسوريا, رغم مواصلتهم ضخ المزيد من التصريحات المُضلِّلة عن ضرورة وأهمية بقاء سوريا موحدة ومعارضتهم (...) تقسيمها.
ان يذهب جون كيري للزعم «أن انتهاك القوات السورية لوقف اطلاق النار, ومنعها دخول القوافل الانسانية, أعاق بدء التنسيق «الكامل» بين روسيا والولايات المتحدة, ما ادى – حسب زعمه – الى الحادث «المريع» يوم السبت (يقصد مجزرة دير الزور ضد الجيش السوري) يعني أن واشنطن قد ادارت ظهرها الى اتفاق الهدنة, ولم يعد ثمة تفاؤل بأن يسفر لقاء لافروف كيري في نيويورك (إن تم) فجر هذا اليوم, عن أي نتيجة تُذكر, لأن لا شيء تغيّر في الميدانين السياسي والعسكري(دع عنك الدبلوماسي) وفي مقدمة ذلك, ان واشنطن ما تزال حتى اللحظة ترفض نشر وثائق الاتفاق بين رئيسي الدبلوماسية الاميركية والروسية, وهي ايضاً لم تضغط او لنقل غير راغبة وغير صادقة في الضغط على عملائها في الفصائل التي تُصنفها معتدلة (رغم رفض تلك الجماعات تنفيذ الاتفاق او التزام بنوده) اضافة بالطبع الى مواصلتها تعزيز وجودها العسكري على الاراضي السورية, من خلال اقامة المزيد من القواعد الجوية (في الرميلان بالحسكة والاخرى في قرية الراعي) إضافة الى زج المزيد من القوات الخاصة الاميركية بزعم مساعدة الجيش التركي/ الاطلسي في عملية درع الفرات, التي تبدو هي الاخرى اوسع وأبعد اثراً وخطورة مما قيل عند بدء الغزو التركي/ الاطلسي لسوريا في الرابع والعشرين من آب الماضي, أنها تستهدف طرد داعش عن المنطقة الحدودية والحؤول دون قوات حماية الشعب الكردية من السيطرة على مزيد من الاراضي غرب الفرات وفي الاساس طردها من مدينة جرابلس.
في السطر الاخير, تبدو التبريرات التي تتحدث عن «عزوف» ادارة اوباما عن مزيد من التورط في الازمة السورية... متهافتة, وخصوصاً في ظل النشاط العسكري المتزايد في الشمال السوري والذي قد يفضي الى مواجهة واسعة, ليس فقط في امكانية تزايد «الاخطاء» الاميركية عبر قصف المزيد من وحدات الجيش السوري, وانما ايضاً في تقديم المزيد من الدعم للجماعات المسلحة في شرق وارياف مدينة حلب, التي يبدو انها ستكون «ميدان الحسم» العسكري, اذا ما ذهبت الاطراف المتقابلة في الشوط «الانتحاري» الراهن... الى نهاياته.
(المصدر: الرأي 2016-09-21)