«معركتا» تحرير الرقّة والموصل: «العُقدة».. الكردية!
يتحدث اميركيون...جنرالات واعلام ودبلوماسيون, عن قرب بدء معركة الموصل، بل هناك من ذهب في توقعاته الحماسية بعيداً، درجة تحديد اوائل الشهر الوشيك(تشرين الاول) موعدا لبدء تحرير الموصل مقر «دولة» ابو بكر البغدادي، بعد ان نجح الجيش العراقي والقوات الرديفة وخصوصا «الحشد الشعبي» في تحرير المزيد من البلدات والمواقع الاستراتيجية في الطريق الى عاصمة محافظة نينوى (الموصل), كان آخرها استعادة جزيرتي البغدادي وحديثة ويحاصر الان داعش في جزيرتي الرمادي وهيت, الامر الذي بث الحماسة في صفوف الجيش العراقي، واشعل التوقعات بان عملية «محاصرة» الموصل قد اقتربت, في الوقت ذاته الذي يعيش فيه العراق ازمة سياسية متفاقمة بعد تصويت البرلمان على سحب الثقة من وزير المالية هوشيار زيباري، ما ترتب عليه توتر العلاقات مع المُكوِّن الكردي في البرلمان(والحكومة) وخصوصاً مع الاقليم الذي اتخذت سلطاته قرارا بعدم طرح بديل للوزير المُقال برلمانياً, والتوجه بدلا من ذلك الى المحكمة العليا العراقية، ما قد يقود الى تفكك حكومة حيدر العِبادي,وهو اتهام علني وجّهه زيباري الى رئيس الحكومة السابق نوري المالكي وبانه شخصياً هو الذي عمِل على سحب الثقة عنه,مُهدِّدا في الان ذاته كشف ملفات فساد تورط فيها المالكي نفسه, ما قد ينعكس بالتالي على التحضيرات لمعركة الموصل, التي يُبدي الاميركيون حماسة لافتة ازاءها, مع علمهم بالمأزق الذي ينشأ اذا ما قرّر «الكرد» الانسحاب (او الاعتكاف) من حكومة العبادي وخصوصا عدم المشاركة في تحرير الموصل, وإعادة التمترس عند مطلبهم القديم المعروف وهو عدم مشاركة «الحشد الشعبي» في المعركة والتعهد بعدم اقتحامها والدخول اليها اذا ما رأى الأميركيون ضرورة أهمية الحشد الشعبي في هذه المعركة، لكن في الطريق اليها وعلى تخومها, وليس في اقتحامها كما حصل في «الفلوجة».
لم تُحلّ المعضلة هذه في بعديها الوزاري والعسكري (الموصل) بعد, لكن الجدل»الآخر» الحاصل حول تحرير مدينة الرقة، معقل داعش وعاصمته وحصنه الاول (قبل اعلان دولة الخلافة في الموصل) يكاد في بعض جوانبه ان يماثل سيناريو تحرير الموصل، لكن الجديد في معادلة «الرقة» هو العنصر التركي, الذي بات لاعبا مهما في الازمة السورية بعد الغزو التركي لشمال سوريا, وتكراره الحديث عن ضرورة اقامة منطقة عازلة, يُسهم الاميركيون باقتراحهم حظر الطيران في أجواء سورية الشمالية, بتعزيز مطالب اردوغان ونيِّاته الاستعمارية, بسط حمايته وإقامة منطقة تديرها استخباراته في الشمال السوري.
اردوغان قال في نيويورك واثناء عودته منها ايضا: ان بلاده مستعدة للمشاركة في عملية تحرير الرقة تحت قيادة اميركية, لكن بشرط «استبعاد» الميليشيات الكردية من الهجوم، ومضى الى التحذير «بانه اذا شنت الولايات المتحدة هجوماً على الرقة مع وحدات حماية الشعب الكردية او حزب الاتحاد الديمقراطي فان تركيا (لن) تشارك فيها».
«الهجوم» التركي المتواصل على «خطة» الولايات المتحدة ورغبتها «المُعلنة» في مشاركة الكرد, واصله ايضا وزير الخارجية التركي مولود اوغلو عندما صرّح بان مشروع الولايات المتحدة القاضي بتسليح الاكراد السوريين الذين يقاتلون داعش... غير مقبول، مستطرداً: «يا للأسف.. فان الولايات المتحدة تتعاون مع منظمة ارهابية تهاجم تركيا, ولهذا فان تسليحها للكرد امر خطير، فالاسلحة التي ستُسلَّم لهذه القوات, ستُباع لاحقا الى داعش ومنظمات ارهابية أخرى».
فهل ترضخ واشنطن لهذا الابتزاز التركي المكشوف؟ ام ان لديها حساباتها الخاصة ومصالحها؟.
صحيفة «نيويورك تايمز» كشفت مؤخرا, ان اوباما اعطى توجيهات لمساعديه لبحث كل المقترحات التي يمكن ان تُصعِّد القتال ضد تنظيم «الدولة الاسلامية»، وقد ابلغهم – تضيف الصحيفة الاميركية – انه يريد شن هجوم «جيد الإعداد» على الرقة معقل التنظيم في شمال سورية, (قبل) مغادرته البيت الابيض.
فهل نحن امام معركتين متزامنتين, واحدة في الموصل والاخرى في الرقة؟.
من المبكر التكهن بحدوثهما معاً أو حتى حصول واحدة منهما, لكن واشنطن او لنقل ادارة اوباما وخصوصا في آخر ايامها وقبل شهر من الانتخابات الرئاسية (8/11) لن تُغامر بخوض معركتين غير مضمونة نتائجهما, اذا ما واصل اردوغان التمسك بشرطه (سورِيّاً) وتلكأ أو رفض مسعود برزاني دفع البيشمركة الى أتون معركة الموصل، الامر الذي قد لا يُمكِّن اوباما من تحقيق «حُلمه» باضافة تحرير الرقة الى إرثه المتواضع عسكرياً وسياسياً، رغم ان اركانه يطرحون حلا وسطا على أردوغان ينص على ان «يقود المُكوِّن الكردي من قوات سوريا الديمقراطية, الهجوم لاستعادة الرقة، قبل ان (يُخلي) الساحة للمُكوِّن (العربي) الذي سيعمل مع (مجموعات اخرى).. على حماية المدينة».
مَنْ سيُقْنع الآخر؟ ومَنْ سيتراجع عن شروطه؟ وهل يقبل «الكرد» في العراق كما سوريا الحلول «الوسط»... الأميركية؟
أسئلة مُعلَّقة, ستُخبرنا الأيام القريبة عن أجوبتها... والإنتظار لن يطول.
(الرأي 2016-09-27)