سيرك الرئاسة الأميركية.. حضرت إسرائيل وغاب العرب !
![سيرك الرئاسة الأميركية.. حضرت إسرائيل وغاب العرب ! سيرك الرئاسة الأميركية.. حضرت إسرائيل وغاب العرب !](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/3dd82fb13f8505790af737ee9c8791a6.jpg)
لايهمني عدد النقاط التي سجلتها المرشحة الديمقراطية للرئاسة الاميركية هيلاري كلينتون، كما لا يهمني عدد الاهداف التي حققها المرشح الجمهوري ترامب في مرمى مرشحة الحزب الديمقراطي في المناظرة الاولى ، لأن المرشحين المتنافسين اختلفا حول كل القضايا والمسائل الداخلية والخارجية، سوى استمرار وزيادة الدعم المالي والعسكري والسياسي لاسرائيل، وزيادة الفوضى في المنطقة التي وصفها ترامب بانها « الفوضى العارمة في الشرق الاوسط « ، وحمّل المسؤولية لمنافسته كلينتون، وهذا يؤكد أن ما يهم الولايات المنحدة هو النفط، وتوظيف قضية داعش، وتعزيز أمن اسرائيل، في حين غابت كل قضايانا عن الجدل الذي كان حادا جارحا في معظم محاوره.
بدأ العد العكسي لانتخاب الرئيس الاميركي الجديد. الحزب الديموقراطي، الذي نجح بايصال اول رئيس أسود الى منصب الرئاسة الاميركية، استخدم نفوذه ، وبكل الوسائل، لتحقيق انتصاره التاريخي الثاني المتمثل بادخال أول سيدة الى البيت الابيض، واحتلالها منصب الرئيس الاميركي وليس بصفتها السيدة الاولى. اما المرشح الجمهوري ترامب فقد استخدم في حملته، ولا يزال ، كل طاقته ، وبذل كل جهده ، للفوز بهذا المنصب، حتى أنه تخلى عن لياقته في استخدام المصطلحات والعبارات الجارحة الدامية ضد منافسته، كما جنح نحو اليمين المحافظ المتطرف في مواقفه، وبرع في التلاعب بمشاعر الاميركيين المحافظين بهدف الحصول على مزيد من الاصوات المتعصبة ضد الآخر في اميركا.
واللافت أن المرشحين قد بالغا، في المناظرة ، كما في الحملات الانتخابية، باظهارالتطرف والانحياز تجاه اسرائيل ومصالحها، حتى أن ترامب وعد نتنياهو بان يقدم له القدس بشطريها عاصمة ابدية لاسرائيل، كهدية الفوز. أما هيلاري كلينتون فقد قدمت، خلال حملتها، الكثير من وعود الدعم لاسرائيل، بحيث تناسى المرشحان قضية الشعب الفلسطيني وحل الدولتين.
صحيح ان الولايات المتحدة دولة مؤسسات، وتملك قوة عسكرية فائقة ومتفوقة، وقدرة سياسية كبرى، الا أنها تغّيب العدالة في تعاملها مع قضايا الشعوب. فالقيادة في واشنطن، لا تزال متمسكة بنهجها القديم الجديد. فهذا الموقف (النهج ) لا يتغير ، خلال كل العهود والادارات المتعاقبة، واعني الكيل بمكيالين في كل ما يتعلق بقضايانا العربية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني والصراع العربي الاسرائيلي.
الحقيقة أن لا أحد يتوقع ما هو افضل للمنطقة وشعوبها، في العهد الاميركي الجديد الذي سيكون امتدادا للعهود السابقة، أن لم يكن اسوأ، بعد الذي سمعناه من المرشحين ترامب وكلينتون. واذا كان ترامب مندفعاً بلا كوابح ، ويحاول لعب دور البطل ( رامبو) ، أو انه العم سام المخلّص، فالسيدة كلينتون التي تتحدث بهدوء الواثق، هي الأخطر ، لأنها تملك الخبرة والتجربة والقدرة على المجازفة، رغم الابتسامة التي لا تفارق وجهها. وما نخشاه اليوم، هوأن الرئيس اوباما ، الذي يستعد لمغادرة البيت الابيض سيترك كل قضايا الشرق الاوسط معلقة. صحيح أنه التزم بشعار التغيير بعدما قرأ سيرة حياة الفيلسوف الأماني شوبنهاور الذي قال: « التغيير هو الوحيد الأبدي الدائم « ، ولكنه ادار ظهره لكل قضايا المنطقة التي كانت الولايات المتحدة ، ولا تزال متورطة فيها ، أو مشاركة في اشعالها ، أو مسببة في عرقلة ايجاد حلول لها ، وفي مقدمتها الصراع في العراق والحرب في سوريا واليمن وليبيا ، حتى انه لم يبذل اي جهد حقيقي لتحريك حل الدولتين ، حسب وعوده السابقة. والثابت أن الرئيس اوباما الذي وعد ايضا بعدم ارسال جيوش اميركية لشن حروب خارجية ، التف على هذا القرار باستخدام قوات اقليمية لخوض هذه الحروب ، وممارسة التدمير الذاتي.
نعم ، ترك الرئيس قضايا المنطقة مفتوحة، بعد اشعال الحروب المتحركة، واتجه الى حل مشكلات بلاده مع دول اميركا اللاتينية، والتركيز على بحر الصين. والسؤال الكبير، المقلق، الذي سيطرحه العرب ، مع مجيء رئيس اميركي جديد هو :» كيف ستتعامل الادارة الجديدة مع الملفات الملتهبة في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وهل ستعود المنطقة الى عصر الغزو العسكري الاميركي ؟! واعني ، هل ستستمر ارادة القوة العسكرية في الانتصارعلى العقل والحكمة في البيت الابيض ؟!
هذه هي المسألة..!!
(الرأي2016-09-29)