عين على الشهباء وعين على الحدباء!
الابتسامة على وجه رئيس حكومة العراق حيدر العبادي كانت عريضة وواسعة ، خلال استقباله البرزاني ، ولكن ابتسامته ، كما ضحكته ، طارت وتلاشت ، بعد انتهاء اللقاء ، حين ظهر العبادي امام الصحفيين ، يتحدث عن عدم استغلال تحرير الموصل من أجل التوسع واهداف اخرى.
الحقيقة أن رئيس حكومة بغداد بالغ في اظهار فرحته بهذا التحالف الغربي الواسع الذي تقوده اميركا ، والذي يذكرنا بغزو العراق واحتلاله قبل 13عاما. الهدف المعلن هو تحرير الموصل ، ولكن الأمر يستحق التوقف والتفكير والتساؤل والشك ، حول الأهداف الحقيقية التي دفعت الدول الغربية نحو المنطقة ، فهناك تسابق محموم بين دول التحالف على القتال في العراق ، تحت عنوان محاربة داعش وتحرير الموصل ، لدرجة ان فرنسا لم تنتظر وصول القوات الحليفة الى العراق ، فبدات طائراتها القصف الجوي انطلاقا من حاملة الطائرات التي تحمل اسم شارل ديغول الراسية في شرقي المتوسط.
ما هو الهدف الحقيقي وراء هذه الحرب الدولية التي ستكون في الموصل وحولها ؟
اذا كان رئيس حكومة بغداد المتحمس ، قد وافق على هذا التدخل وهو يعلم باهدافه ، فهذه مصيبة ، واذا كان لا يعلم فهذه كارثة ومصيبة أعظم ، لأن الهدف الحقيقي من تحرير الموصل هو تقسيم العراق ، وتوسيع مساحة اقليم كردستان ، الذي اصبح على أبواب الأنفصال عن العراق ، واعلان الدولة الكردية المستقلة.
الموصل هي ثاني أكبر مدن العراق ، وهي مدينة تاريخية بحضارتها القديمة ، ومن القابها القديمة اسم « الحدباء» ، بسبب تلك الانحناءة الظاهرة في مجرى نهر دجلة عندما يمر عبرها. وبلغ عدد سكانها قبل سقوطها بيد الدواعش ، أكثر من مليوني نسمة ، وتشكل نموذجا جيدا للعيش المشترك ، في مجتمعها المتميز بتكوينه المتشكل من تعدد الطوائف والاعراق.
لم يكن تحرير الموصل يحتاج الى هذا الحشد الدولي والاقليمي. لأن الجيش العراقي كان يتقدم باتجاه المدينة ببطء ، وهو قادر في النهاية على محاصرتها ودخولها ، بالتزامن مع انهيار جبهة الارهاب في سوريا والعراق. ولكن يبدو ان الدول التي تحارب داعش في العراق هي ذاتها تدعم التنظيم الارهابي في سوريا. والهدف الحقيقي هو تحرير الموصل وتقسيم العراق ، ومنع تحرير حلب من اجل تقسيم سوريا ، لأن حلب والموصل هما مفتاح وحدة العراق وسوريا ، كما هما مفتاح تقسيم البلدين ، ضمن مشروع تقسيم المنطقة الذي لن يتحقق باذن الله.
الحقيقة أن الامة العربية تقف اليوم أمام مشهد تراجيدي مصيري ، يشعرنا ، في غياب الوعي والعدالة ، بان التحالف الدولي الغربي يفرض نهاية التاريخ ، يقابله التنظيم الارهابي الاممي الذي يقودنا الى صدام الحضارات. وامام تطورات هذا المشهد نرى التحالف الغربي يقف على مشارف منطقتنا ومرحلتنا ، يرفع يافطة محاربة الارهاب ، وعينه الاولى على حلب «الشهباء» والاخرى على الموصل « الحدباء « ، وقد شهر سلاحه وفقد اعصابه ، يريد العودة بقوة السلاح الى بلادنا وحاضرنا ، كي نعيش على دقات ساعته ، في شرق اوسط جديد هو مضمون كتاب شمعون بيريز ، ومشروع المحافظين الجدد في الغرب.
(الرأي2016-10-03)