المالتوسية العربية !
قبل عدة عقود كانت الاناشيد والاغاني السياسية العربية تكاد لا تخلو من اشارة الى المئة مليون عربي، وحين تضاعف هذا الرقم اكثر من ثلاث مرات لم يعد يرد الا في احصاءات التقارير الاقليمية والدولية عن نسبة الامية المتفاقمة وخط الفقر وتدني الدخل القومي، لكن هل بقي عدد العرب في هذا القرن اكثر من ثلث مليار ان ان القتل والقبور الجماعية والهجرات المتعاقبة لعبت دورا في تقليص هذا الرقم بحيث بات مرشحا للعودة على ما كان عليه عام 1967 !
المالتوسية الجديدة التي اهتدى اليها العرب لتحديد النسل لها فقه آخر وفلسفة غير مسبوقة في تاريخ الامم، وهي تتلخص في ان يتولى العرب قتل بعضهم وتشريد من تبقى، وتحديد النسل بهذا الاسلوب الانتحاري لا يعيد التاريخ عقودا او قرونا الى الوراء فقط، بل يحوّل الوطن الى منفى، والتوأم الى عدو، بحيث يعاد انتاج ثقافة الغزو الجاهلية لكن باسلحة جديدة وحلفاء من طراز آخر غير طراز القيصر الذي لاذ به امرىء القيس كي يثأر من أبناء عمومته، لكن القيصر اهداه ثوبا منقعا في السمّ ما ان ارتداه حتى تهرأ جلده ودُفن غريبا في جبل عسيب !!
ويبدو ان الافراط حتى السفاهة في التبديد لم يتوقف عند الثروات بل تجاوزها الى الديموغرافيا بحيث يصبح العرب أقليّة، لكن ليس على طريقة اسلافهم الذين قالوا بأن رجلا قد يساوي الفا، فالعكس الان هو ما يحدث .
ان شر البلية لم يعد يضحك احدا بعد ان شملت المآتم اعرق العواصم، لكن ما من عائشة حوراء او حتى عمياء تعيّر الابناء الذين تتساقط عدة غرناطات تحت اقدامهم، ولو عاشت ام عبد الله الصغير حتى ايامنا لغيّرت ما قالته لابنها فالنساء الان لا يبكين وان بكت احداهن فمن باب اولى ان تقول لها امها ابكي مثل الرجال ملكا مضاعا لم تحافظي عليه مثل النساء !
البلية لم تصل ذروتها بعد بحيث نضحك، لهذا نواصل النحيب وليس البكاء فقط !!
(الدستور2016-10-09)