ما حكّ جلدك مثل غيرك !!
لم تعد العواصم العربية بعد ان اصابها ما اصابها مكانا لقعد مؤتمرات حتى لو كانت تتعلق بقضايا قومية مصيرية، واحدى دلالات ذلك وهي كثيرة ان الازمات العربية تم تدويلها وكانت الدراما العراقية الامثولة في هذا السياق، والعرب الذين يرددون امثالا منزوعة المحتوى من طراز ما حكّ جلدك مثل ظفرك يجلسون عراة تحت مخالب الاخرين وليس اظافرهم كي تحك ما تراكم من جرب !
والمفارقة هي ان العواصم التي ساهمت في تأزيم قضايا عربية تتحول بقدرة قادر الى الحرامي الذي يمارس دور الحامي، ومن ثم يناط بمن اشعل النار ان يطفئها !
ولو استطاع العرب المعاصرون او بمعنى ادق المعصورون حتى آخر قطرة دم ونفط ان ينجوا من خلال جامعتهم في تعريب أزماتهم لما انتهى المشهد الى ما هو عليه، فنحن بعد قرن من سايكس بيكو نعود الى اول السطر ولا يتبدل غير الاسماء، سواء كانت كيري ـ لا فروف او اية اسماء اخرى لا علاقة لها بالابجدية !
ورغم وفرة التجارب المريرة لدى العرب وفائض الخديعة التي كانوا ضحاياها الا انهم لم يتلقحوا وها هم يلدغون من الجُحر ذاته للمرة الالف .
وكم نتمنى لو ان الطبقة السياسية بكل مكوناتها العجيبة في العالم العربي تتيح لعلماء النفس والاجتماع ولو هامشا ضيّقا كي يذكروا للناس السبب الذي قد يُبطل العجب .
لكن هؤلاء وغيرهم لا دور لهم في هذه الدراما ذات الحلقات التي تنافس الف ليلة وليلة، ويبدو ان مصطلحات المعجم السياسي في طبعته المعولمة لم يعد كافيا لفهم ما تعنيه مفردات من طراز الاستقلال والسيادة وتقرير المصير .
فنحن في زمن تحققت فيه نبوءة جورج اورويل في روايته التي عنوانها 1984 والذي قد يكون 2016 حيث اصبحت الكلمات تعني عكس دلالاتها، فالوطن منفى والجلاد ضحية والشقيق لدود والاحتلال تحرير !!
(الدستور2016-10-18)