التشبيك الإيجابي
![التشبيك الإيجابي التشبيك الإيجابي](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/84644019eb7c7c860e318922a6f60480.jpg)
"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل، الآية 125).
هل يمكن تحويل المدونات الفردية ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"ويبو"، إلى ساحات للتفاعل والحوار والتعلم والتأثير في اتجاهات فكرية ويومية؟ كيف يمكن مواجهة الإرهاب الإلكتروني والتحريض والكراهية في الشبكة؟
المسألة بسيطة وممكنة، ولا نحتاج سوى جهد قليل لحصر الأفكار والاهتمامات والاتجاهات الذاتية، ثم محاولة تقديمها والتشارك فيها. وفي ذلك، أقترح على المشاركين والمدونين فكرتين عمليتين: تحديد الأفكار والمصالح والاتجاهات الذاتية، العامة منها والخاصة واليومية الحياتية، والتعبير عنها ببساطة ووضوح؛ وأن تكون المشاركة في إطار التفاعل وتبادل المعرفة والحوار. ويجب أن يكون المشاركون حقيقيين وفاعلين.
هنا يمكن اقتراح حذف، وأحيانا حظر الذين يؤثرون بالضرر على اتجاهات الفائدة والإضافة في التدوين. ومن هؤلاء، على سبيل المثال لا الحصر: المتنكرون بالأسماء المستعارة والوهمية؛ والسلبيون الذين لا يبدون رأيا أصيلا ولا يشاركون مشاركة حقيقية، والمتطرفون والمتعصبون والكارهون والمشاغبون والمأزومون والشتامون من أي اتجاه كانوا؛ وجماعات اللعب والتسلية والترفيه، إلا في مجموعاتهم الخاصة بهم من دون سماح لهم بالدخول إلى الفضاء العام للجدل والمعرفة؛ والدعايات التجارية والسياسية والدينية؛ والمبالغون في النسخ أو من يقتصر تدوينهم على القص واللصق؛ والعاجزون عن التمييز في المواقف والمشاعر بين الأشخاص وأفكارهم ومعتقداتهم؛ والنرجسيون المستغرقون في ذاتهم وشؤونهم وصورهم وأبنائهم؛ و"السايكوباثيون" الذين يلحقون الضرر بالآخرين بلا مسؤولية؛ والساديّون الذين يفرحون بآلام الناس ومصائبهم ويشمتون بهم، أيا كان هؤلاء المصابون ومن أي ملة أو دين أو وقوم أو بلد؛ والذين ينشرون صورا للموتى والمصابين والتي تعد إساءة لأصحاب الصور وبخاصة الأطفال؛ والعاجزون عن القراءة والفهم إلا عبر منظار من سوء النية والتشكيك والبحث عن الأخطاء وتصيدها، وكأنهم يفرحون بأخطاء الآخرين وهفواتهم، أو يتوهمونها إن لم تكن موجودة.
يبدو واضحا اليوم أن شبكات الإنترنت والاتصالات والتواصل صارت ساحة مهمة ومستهدفة للأنظمة السياسية والجماعات المختلفة، كما للخارجين على القانون، إضافة بالطبع إلى الأغلبية من مستهدفي التواصل والتعليم والمعرفة والمعلومات والتسلية والعمل والتسويق. ولأجل حماية هذه الأعمال والمصالح العظيمة التي تتشكل في الشبكة، ثمة حاجة كبرى للتضامن الشبكي، لأجل تفعيلها إيحابيا وحماية الناس والمستخدمين والمجتمعات والأطفال. ولا يمكن ذلك إلا بوعي وتضامن جماعيين، وسلوك فردي في الشبكة يحول المتطفلين والمتعصبين والإرهابيين والمرتزقة الإلكترونيين إلى جماعات محظورة عمليا، لا تستطيع التسلل والتأثير إلا بوضوح وبأسماء حقيقية، ووفق مبادئ وقواعد عامة من الالتزام الاجتماعي وعدم الإساءة والشتم والكراهية والتحريض. بل ويمكن بذلك استيعاب كثير من المتطرفين والمخطئين وإقناعهم بالجدل بالحسنى والحكمة والموعظة الحسنة.
(الغد2016-10-20)