هل للقضية صلة بصراع عباس- دحلان؟
![هل للقضية صلة بصراع عباس- دحلان؟ هل للقضية صلة بصراع عباس- دحلان؟](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/dc870979cb39f8a8943e0a2871021f2f.jpg)
ثار جدل كبير إثر عقد ندوة قبل أيام في مصر بشأن القضية الفلسطينية، كان الكل يعرف أن وراءها القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح محمد دحلان. وقد خرجت بتوصيات عادية تكرر المطالب التقليدية بشأن المصالحة وتقدم القضية وصولا إلى إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة.
والحال أن أكثر الجدل الذي يرافق القضية الفلسطينية منذ شهور طويلة لا زال يتعلق بالصراع الدائر بين محمود عباس وفريقه من جهة، وبين محمد دحلان وأنصاره من جهة أخرى، وحيث يشعر الأول بأن هناك قوىً عربية تضغط في اتجاه إيجاد (وربما تهيئة) بديل لعباس الذي جاوز الثمانين، ويمكن أن يرحل في أي وقت، وحيث لا يحب الصهاينة أن يعيشوا رهن المفاجآت، وهم أنفسهم من أعدّ محمود عباس للخلافة بفرضه رئيس وزراء على ياسر عرفات أثناء حصاره في المقاطعة، كما فرضوا عليه محمد حلان مفوضا للأمن، وسلام فياض لوزارة المالية، وبالطبع من أجل مراقبة دعمه لمسار المقاومة.
لسنا مع أي من الطرفين كما يعلم من يتابعون ما نكتب، ولا حتى مع أي فصيل حين يتعلق الأمر بمصلحة القضية الفلسطينية، وطالما انتقدنا حماس ذاتها، حتى لا ينبري البعض بتصنيفنا معها بالحق وبالباطل، لكن السؤال الذي لا بد أن يطرح نفسه هنا هو: هل للقضية صلة بهذا الصراع الذي نحن بصدده؟
الجواب هو (لا) كبيرة، فهو صراع شخصي بامتياز، لا صلة للقضية به من قريب أو بعيد، والدليل أن من الصعب على أي مراقب أن يلمس أي فرق بين الرجلين في الطرح السياسي حيال القضية، فقد التقيا منذ البدء على رفض انتفاضة الأقصى، ثم التقيا على تغطية قتل عرفات رحمه الله، ثم التقيا على المسار التالي ممثلا في التعاون الأمني مع العدو، والعمل على تكريس سلطة تحت عباءة الاحتلال، بانتظار الضغوط الدولية على الكيان الصهيوني، وهما يعرفان تماما أكثر من غيرهما سقف نتنياهو المتعلق بالتسوية، ولذلك يقبلان بالوضع الراهن ممثلا في مشروع الحل الانتقالي بعيد المدى الذي يصنع كيانا على ما يتركه الجدار من الضفة الغربية، والذي يتيح لهما الاستمرار في رفضه والقول إنهما يتمسكان بالثوابت!!
قد يرى البعض أن ما سيضيفه دحلان إلى اللعبة يتمثل في إطلاق عملية تفاوض جديدة مع العدو، يريدها بعض العرب، تفتح الباب أمام عمليات تطبيع عربية، وقد يكون ذلك صحيحا، بفرض أن عباس لا يقبل بذلك، أو يتلكأ في القبول به.
إذا جئنا إلى حيثيات الصراع في بعده الشخصي، فإن الواضح أن ميزان القوى يميل لمصلحة دحلان، وبالطبع لأن الدول العربية الأكثر تأثيرا تقف معه، بينما تفضّله تل أبيب والغرب. أما داخليا، فهو أقوى بسيطرته على “فتح” غزة، وجزء لا بأس به من فتح الضفة، مع أنه من زاوية أخرى لا يبدي إصرارا على أن يكون الرئيس القادم، إذ يكفي أن يكون الوصي على الوضع بوجود رئيس آخر (يتحدث البعض بقوة عن ناصر القدوة)، بانتظار ترتيبات أخرى لاحقا قد تمنحه الزعامة بسهولة.
الأهم من ذلك كله هو أن عباس لا يشكل خطرا على أحد، وهو مرضي عنه في الدوائر الإسرائيلية، لكن الأفضل دائما بالنسبة للعدو هو استمرار صراع الأجنحة والتلويح بالبدائل للابتزاز، مع توفير البديل بالفعل خشية المفاجآت كما أشرنا من قبل.
(الدستور2016-10-24)