فرصة ضائعة انخفاض أسعار البترول
![فرصة ضائعة انخفاض أسعار البترول فرصة ضائعة انخفاض أسعار البترول](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/40a8ab0d3cde06a5d5fa5f95f910d3c8.jpg)
من أبسط القواعد الاقتصادية المتعارف عليها أن من يحصل على دخل استثنائي طارئ (الفوز بجائزة مثلاً) لا يقوم بتغيير نمط حياته ورفع مستوى معيشته اعتماداً على هذا الدخل الطارئ والمؤقت ، فهو يعلم جيداً أنه لن يستمر ، وبالتالي فإن السلوك الحصيف في حالة الدخل الاستثنائي غير المتوقع هو الاستمرار في نمط الاستهلاك العادي وادخار الدخل الطارئ.
الحكومة لم تطبق هذه القاعدة البسيطة عندما هبطت على الأردن من السماء نعمة انخفاض كلفة فاتورة البترول المستورد إلى أقل من النصف ، أو حوالي مليارين من الدنانير سنوياً ، فلم تقرر إدخار الفرق ، وله استعمالات عديدة مثل تسديد جانب من المديونية ، أو الاستثمار في مشاريع مجدية تولد دخلاً وتخلق فرص عمل. على العكس من ذلك سارعت الحكومة إلى تخفيض أسعار المحروقات المحلية وخاصة البنزين الذي تستهلكه السيارات الخصوصية ، مع أنها تعرف أنها مشمشية لن تدوم طويلاً ، وأن أسعار البترول ستعود إلى الارتفاع تدريجياً أو بشكل مفاجـئ ، وعند ذلك تبدأ المعاناة من جديد ، ويصبح على الحكومة والمواطنين أن يتكيفوا مع الظروف الجديدة مرة أخرى.
انخفاض أسعار البترول العالمية قبل سنتين ، وفر على الأردن مبلغاً كبيراً لم يكن متوقعاً ، ولكن الحكومة طلبت منا كمواطنين أن نستهلك هذه الثروة التي هبطت من السماء ، وأن نرفع مستوى معيشتنا بنفس المقدار ، ونحن نعلم علم اليقين أن هذه الثروة الهابطة من السماء ليست دائمة ، وأن هذه الطلعة سيكون بعدها نزلة.
كان يمكن تخفيض المديونية بمعدل 10% سنوياً على الأقل بدلاً من أن ترتفع بنفس النسبة. ولن تكون في هذه الحالة معاناة شعبية لأن المجتمع كان قد استوعب السعر العالي للبترول وتكيف معه وقبل به كأمر واقع.
على العكس من ذلك فقد تحقق تضخم سالب أي انكماش قد يسعد المستهلكين في المدى القصير ولكن تداعياته القادمة لا تسر.
هل كان هذا الخيار غائباً عن بال الحكومة؟ أبداً ، فقد كان الهدف الذي قاد القرار هو شعبية المسؤول وتصفيق الشارع.
ليس معروفاً إلى متى تتقرر سياسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على ضوء نتائجها على شعبية الحكومة ، لكن المؤكد أن الشعبية لا يجوز أن تخدم كبوصلة تقود المسؤول إلى ما فيه مصلحته الشخصية.
هل جرى التنبيه إلى الحل الصحيح في حينه؟ نعم ولكن دون جدوى.
(الرأي 2016-10-28)