بين الرؤية والبرنامج
هناك فرق بين الرؤية العشرية من جهة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي من جهة أخرى، فالرؤية دليل حركة وتحديد اتجاه ولكنها غير ملزمة، أما البرنامح فهو جدول أعمال ونتائج محددة وبالتالي ملزم للحكومة.
لدينا الآن في نفس الوقت رؤية وبرنامج تصحيح اقتصادي. الرؤية تحت رقابة الرأي العام، والبرنامج تحت رقابة صندوق النقد الدولي.
الخطتان ليستا متطابقتين، فالرؤية أكثر طموحاً والبرنامج أكثر واقعية وربما أكثر تواضعاً. والاختلاف بين الخطتين لم يحصل بعد سنوات من التطبيق، بل منذ السنة الأولى. وهو خلاف جوهري من الناحية الكمية.
لنأخذ على سبيل المثال موضوع النمو الاقتصادي، فالرؤية تتوقع او تستهدف أن يكون النمو الاقتصادي الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي هذه السنة (2016) 67ر4% لكن البرنامج يكتفي بأن يصل النمو هذه السنة إلى 8ر2% بدلاً من 3ر2% في السنة الماضية أي بتحسن نصف نقطة مئوية.
يستمر وجود الفرق بين توقعات الرؤية وتوقعات البرنامج خلال السنوات الثلاثة القادمة 2017-2019 حيث يصل النمو المنتظر في السنة الاخيرة للبرنامج (2019) إلى 37ر5% في الرؤية و0ر4% فقط في البرنامج.
لا غرابة في ذلك، فمن الطبيعي ان تكون الرؤية أكثر طموحاً في رسم الأهداف، وأن يكون البرنامج أكثر واقعية، وسيكون من حسن الحظ أن تكون النتائج الفعلية أفضل مما استهدف البرنامج حتى لو جاءت أقل مما استهدفت الرؤية.
ما ذكرناه عن نسب النمو الاقتصادي المستهدفة في كل من الرؤية والبرنامج ينطبق على مؤشرات اقتصادية أخرى مثل حجم الناتج المحلي الإجمالي، المديونية الإجمالية، عجز الموازنة العامة وفي جميع الحالات كانت أهداف البرنامج دون طموحات الرؤية.
التحدي المطروح أمام الحكومة وفريقها الاقتصادي أن لا تكون النتائج العملية دون الخطتين، لأن ذلك سيعتبر فشلاً ذريعاً.
هذا لا يعني ان أمام الحكومة خيارين، فإما أن تستهدي بالرؤية أو تلتزم بالبرنامج، فالواقع أن الرؤية أوسع بكثير من البرنامج، لأنها تغطي مواضيع عديدة لا يتطرق إليها البرنامج، ذلك أن البرنامج مالي ونقدي بالدرجة الأولى، في حين تهتم الرؤية بنوعية الحياة في الأردن من النواحي الاجتماعية والتعليمية والصحية وكفاءة الحكم وشؤون الإنتاجية والتنافسية والامن الاجتماعي والثقافة والولاء الوطني والقدرة على الصمود في مواجهة العواصف.
(الراي2016-11-01)