نفايات المنتجعات السياحية في البحر الميت تهدد البيئة
المدينة نيوز :- مشاهد مؤلمة، تتجلى يوميا على جانبي الطريق الخلفي لمنطقة سويمة، او ما يعرف "بطريق دافوس"، مع وجود اكوام من النفايات وما ينتج عنها من اخطار على البيئة والصحة والسلامة العامة خاصة وان ملقيها يعمدون على اضرام النار فيها كأسهل طريقة للتخلص من ما يمكن تسميته بـ"جريمة بيئية".
الواقع المؤلم يتجلى في ان هذه النفايات هي مخلفات فنادق ومنتجعات سياحية مقامة على شاطئ البحر الميت، وهي استثمارات تقدر بمئات الملايين، والتي كان من المفترض ان تكون البادئة بالحفاظ على البيئة والنظافة في المنطقة التي تعتبر قبلة للسياحة العالمية.
الكارثة الحقيقية، وفق سكان ومعنيين، ان غالبية الاودية المحيطة بمنطقة سويمة اصبحت اشبه بمكبات للنفايات، اذ ان القائمين على نقل هذه النفايات يستغلون بعد هذه المناطق عن الانظار ليلقوا النفايات فيها، في حين وصل الأمر ببعضهم الى التخلص من المياه العادمة بين الاشجار وعلى جوانب الاودية، الأمر الذي قد يتسبب بكارثة بيئية نتيجة تلوث المياه الجوفية وانتشار الحشرات الضارة وخاصة الذباب الذي يجد فيها بيئة مناسبة للتكاثر.
وبحسب مربي المواشي ابومحمد فان خطورة انتشار هذه النفايات يتعدى الاخطار البيئية، اذ انها تسببت بنفوق العديد من المواشي، مشيرا الى ان عددا من مواشيه نفقت نتيجة تناولها هذه النفايات وخاصة المواد البلاستيكية التي تشكل خطورة كبيرة على الحيوانات.
ويضيف ابومحمد أن الروائح الكريهة تنبعث ليل نهار من تلك المخلفات، اضافة الى انها اصبحت بؤرة لتكاثر وانتشار للجرذان والقوارض والحشرات والكلاب الضالة، مطالبا الجهات المعنية بوضع تشريعات ملزمة للتخلص من النفايات بطرق آمنة في اماكنها المعتمدة. ويبين محمد صالح أن مشكلة طرح النفايات الصلبة في الاودية المحيطة بالبلدة تبقى اقل خطرا من القاء النفايات السائلة خاصة مياه الحفر الامتصاصية للفنادق والمنتجعات واسكانات الموطفين، لافتا الى ان غالبية صهاريج النضح تقوم بتفريغ حمولتها في الأودية القريبة من بلدة سويمة دون ادنى اهتمام رسمي رغم مضي مدة طويلة على ذلك.
ويؤكد صالح انه قام بابلاغ الاجهزة الامنية مرتين عن احد الصهاريج الذي يقوم بافراغ حمولته من هذه المياه، الا انه لم يتم اتخاذ أي اجراء بحقه، موضحا ان هذا الأمر يشكل خطرا على المواطنين والثروة الحيوانية في ظل صعوبة ضبط المخالفين الذين يستغلون ظلام الليل لارتكاب هذا الفعل الذي وصفه"بالجريمة". ويوضح صالح ان عدد من هذه الفنادق والمنتجعات تتخلص من نفاياتها من خلال شركة خاصة دون متابعة مكان طرحها والذي يفترض ان يكون في المحطة التحويلية لبلدية الشونة الوسطى للنفايات الصلبة ومكب تل المنطح في ديرعلا للنفايات السائلة، مبينا ان معظم السيارات المستخدمة في نقل النفايات تكون مكشوفة، الأمر الذي يؤدي الى تناثر النفايات على الطريق الرئيس.
وتشير الناشطة الاجتماعية رائدة عبدالرحمن الى ان انعكاسات هذه النفايات تتجاوز الحدود البيئية لتؤثر على القطاع السياحي في اهم المناطق السياحية في المملكة، خاصة وان المنطقة يرتادها مئات الالاف من السياح الاجانب والعرب اضافة الى ضيوف الاردن في مؤتمر دافوس او المؤتمرات الاخرى التي تعقد في منتجعات البحر الميت.
وتضيف ان ما نشاهده اليوم من اكوام النفايات المتكدسة على جانبي الطريق الخلفي الذي يستغل ايام انعقاد المؤتمر الاقتصادي العالمي تشوه المنظر العام للمنطقة والاردن كوجهة سياحية، لافتة الى ان اهالي المنطقة يعانون جراء الروائح المنبعثة من هذه النفايات والاثار البيئية والصحية الاخرى التي تنتج عنها.
وتؤكد عبدالرحمن على ضرورة الزام المنتجعات السياحية بالقاء نفاياتها في الاماكن المخصصة لها، والتأكد من التزام الشركة الناقلة بذلك، موضحة ان هذه الشركات التي تبحث عن الربح فقط، تستسهل القاء النفايات في اقرب مكان لتوفير الكلف حتى وان كان ذلك على حساب صحة وسلامة المواطن والبيئة.
هذه الظاهرة تأتي في الوقت الذي اطلقت فيه وزارة البيئة حملة توعوية بيئية شاملة، تحت شعار "لا للرمي العشوائي للنفايات"، بهدف ترسيخ مفاهيم المسؤولية الجماعية في الحفاظ على البيئة وتعميق الشعور بالانتماء للوطن.
من جانبه يوضح مصدر في أحد المنتجعات، طلب عدم ذكر اسمه، ان غالبية المنتجعات المقامة على شاطئ البحر الميت تقوم بطرح عطاء لنقل النفايات، مشيرا إلى أن العطاء يحال بالعادة على إحدى الشركات المختصة بذلك، وأنه لا يوجد في الاتفاقية ما يلزم الشركة بأن ترسل النفايات إلى أماكن معينة.
ويبين رئيس بلدية سويمة محمد عبد خليف الجعارات ان شكاوى عديدة وصلتنا حول القاء الفنادق لنفاياتها في الاودية المحيطة بالبلدة، مشيرا الى انه جرى تشكيل لجنة للكشف على اماكن تجمع النفايات وتبين انها تعود لعدد من الفنادق والمنتجعات السياحية في المنطقة وانها تشكل خطرا حقيقيا على الصحة والسلامة العامة.
ويرى الجعارات ان الخطر الحقيقي لهذه النفايات وخاصة السائلة، بانها قد تتسبب بتلوث مصادر المياه في المنطقة، إضافة الى الاضرار البيئية والصحية الاخرى التي تنتج عنها، موضحا انه جرى ابلاغ الجهات المعنية كوزارة البيئة والادارة الملكية لحماية البيئة الا انه لم يتم اتخاذ اية اجراءات بهذا الخصوص الى الان.
ويبن رئيس البلدية ان الفنادق والمنتجعات تعاقدت مع احدى الشركات الخاصة لنقل نفاياتها والتي بدورها تقوم بالقاء هذه النفايات في الاودية والشعاب وبين الاشجار الكثيفة خاصة خلال ساعات الليل والصباح الباكر، لافتا الى ان البلدية تقدمت لهذه الفنادق بطلبات لنقل نفاياتهم بسيارات مخصصة لهذه الغاية الا ان 70% منهم رفضوا ذلك.
وشدد الجعارات على ضرورة قيام الجهات المعنية كالبيئة والصحة والمياه وشركة التطوير بالعمل على وضع حد لهذه الظاهرة، مؤكدا على ضرورة الزام هذه المنتجعات بازالة اكوام النفايات المتكدسة على جوانب الطرق وفي الاودية والزامهم بايصال نفاياتهم الى الاماكن المخصصة لذلك. ويؤكد مدير مكتب بيئة الأغوار الوسطى المهندس شحادة الديات انه لم تصلهم اية شكاوى بهذا الخصوص، مبينا انه سيتم تنظيم كشف حسى على المنطقة واعداد تقرير بذلك ليصار الى اتخاذ الاجراءات اللازمة بحق المخالفين.
ويضيف الديات أن المديرية تقوم بالتعاون مع البلديات والإدارة الملكية لحماية البيئة بجهود كبيرة للحد من هذه الظاهرة وضبط المخالفين، مشددا على ضرورة تعاون المواطنين بالإبلاغ عن أية مخالفات تمارس من قبل اشخاص او مؤسسات بما يسهم في الحد من هذه الظاهر التي تعاني منها جميع مناطق وادي الأردن ولها آثار سلبية خطيرة على الانسان والبيئة.
ويشير الديات إلى أن المشكلة تكمن في قلة الوعي المجتمعي لان وعي المواطن بحجم الاضرار الناتجة عن هذه الظاهرة سيحد منها بشكل كبير، لافتا الى ان الوزارة تولي اهمية قصوى لمعالجة مشكلة اللالقاء العشوائي للنفايات اذ جرى اطلاق حملة وطنية للتوعية باضرار ومخاطر الالقاء العشوائي للنفايات وزيادة وعي المواطنين للحد من انتشار هذه الظاهرة .
بدوره، أكد متصرف لواء الشونة الجنوبية الدكتور باسم مبيضين أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية بحق المخالفين من خلال التعاون مع الجهات المعنية، موضحا أن هناك تنسيقا مستمرا مع الإدارة الملكية لحماية البيئة ومديرية الصحة لمنع تكرار هذه الظاهرة والحد منها. ورغم الاتصالات العديدة بشركة النفايات الخاصة التي تقوم بنقل نفايات المنتجعات السياحية بالمنطقة، للتواصل مع مسؤولي الشركة للحصول على رد منهم، إلا أن "الغد" لم تتمكن من ذلك.