ريغان آخر
سيكون ترامب رئيساً اميركياً كما كان رولاند ريغان.. قائداً غير ملهم, ومنفذاً طيعاً للمؤسسة! رأيناه وهو ينزل من طائرة الهليوكبتر على المرج الاخضر أمام البيت الابيض, كان يحرص على ابقاء محرك الطائرة مشتعلاً بضوضائه المعروفة, حتى لا يجيب على اسئلة الصحفيين.. كان يضع يده على اذنه وكأنه يحاول السمع ثم يبتسم بحيوية حين يصل الى المدخل الرئيسي للبيت الابيض.
كما مع سيدنا-رحمه الله-في واشنطن, في الثمانينات وكنت الصحفي الوحيد في الرحلة الى جانب رئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس الديوان وسفيري الاردن في واشنطن والامم المتحدة. كانت خلوة الحسين وريغان المعطاة من التشريفات 45 دقيقة, ثم دخل الوفد الاردني ليسلم على الرئيس. ثم السلام وأخذت الصور ودقائق التوثيق التلفزيوني وغادرنا.
كان الحسين يحاول تمرير قائمة تسليح قيمتها مليار دولار, وكان الرئيس طلب اجتماع جلالته بلجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ.
واعتذر جلالته عن هذه المهمة غير المنتجة ثم عاد ووافق. المهم انني سألت جلالته عن «المخلوانية» مع الرئيس فقال: لقد قرأ عليّ صحفتين بخط كبير في اربع دقائق, وقضيت اربعين دقيقة في سماع نكت وتفكهات, فالرجل لا يعرف اين يقع الاردن على خارطة العالم.
ومع ذلك فقد سمعنا عن الريغانية وتبعتها التاتشرية في بريطانيا, وهي فلسفة اليمين الاميركي والمحافظ البريطاني في تقليص الحكومة, ووضع كل شيء في يد الشركات ومنظمات المجتمع المدني, فيما عدا الخارجية والدفاع.. اما علاقة اميركا بالعالم فينتظمها شيء واحد هو: القضاء على امبراطورية هي الاتحاد السوفياتي الامر الذي حدث بالفعل.
وترامب هو نسخة اخرى محدّثة عن ريغان: عقيدة حكم يقوم على مجموعات يمينية متطرفة تسيطر على جهاز الدولة في الداخل, ومجموعات عسكرية وصناعية ومراكز ابحاث تضع السياسة الخارجية.
الرئيس الوحيد الذي اتقن السياسة الخارجية كان الرئيس نيكسون, ومن يقرأ كتب هنري كيسنجر يفهم أن الرجل لم يكن هو العقل المدبر وراء قيادة نيكسون, وانما كان ذراعه في مجلس الامن القومي بدل الخارجية, ثم وزيراً للخارجية.. ثم وقع على وجهه.
الباقون, فيما عدا الرئيس جيمي كارتر الذي كان انظفهم, واكثرهم عمقاً, واقربهم الى الاخلاق الدينية. ووقع هو الاخر بآلاعيب المؤسسة العميقة, وجنرالية وزارة الدفاع, ففشل في الرئاسة الثانية لمصلحة بوش الاب.
لماذا دخلنا في محاولة القاء الضوء على بعض رؤساء اميركا؟ ربما لأن الموضوع سهل التناول فهؤلاء حكموا العالم دون معرفته.
(الراي 2016-11-12)