ندوة تحتفي برواية "غريب النهر" لجمال ناجي في "شومان"
المدينة نيوز:- احُتفي براوية "غريب النهر" الصادرة في طبعتها الثالثة أخيرا عن دار الشروق للنشر والتوزيع، للروائي جمال ناجي، في ندوة حوارية مساء امس الثلاثاء في مكتبة عبدالحميد شومان بعمان، حيث نوقشت خصائصها الفنية .
وفي الندوة التي اقيمت في سياق احتفالات مؤسسة عبدالحميد شومان بالذكرى الثلاثين لتأسيس المكتبة قال القاص الدكتور هشام بستاني الذي اداره الندوة ان فن كتابة الرواية هو احد النوافذ الذي يكتب فيه التاريخ، لافتا الى ان رواية "غريب النهر" ولجت هذا الجانب وجاءت الاحالات التي تضمنتها وتميزها مرتبطة بالوقائع التاريخية.
واوضح البستاني ان هناك ربطا بين حركة المجتمع التي تمثلها شخصيات واحداث الرواية وتأثيرات هذه الاحداث على حركة تلك الشخصيات في داخل النص الروائي، مشيرا الى ان هذه الشخصيات تتحرك بما يؤثر على هذه الاحداث في صيرورة تطورها.
واكد ان رواية "غريب النهر" ليست رواية تاريخية، ولكنها رواية تحفر في كيفية تأثير الاحداث عبر السياق التاريخي في صيرورة شخصياتها.
من جهته قال الروائي ناجي ان التاريخ احد الادوات التي اتكيء عليها اثناء الكتابة واستنبط منها نمو الاحداث والشخصيات، مؤكدا ان التاريخ وكتابته لم يكن هاجسه وانما جاء في هذه الرواية وسيلة.
ولفت ناجي الى ان قيمة الجغرافيا التي تعد معادلا للزمن في هذه الرواية حيث تتجلى جغرافيا المكان والذي تنطلق فيه الرواية بداياتها من الحقبة العثمانية في ظل غياب الدول القائمة حاليا في منطقة سوريا الطبيعية وحيث تتكئ الاحداث على علاقة التاريخ بالجغرافيا وتشتبك مع العامل الزمني بوجوهه الستة، مبينا ان الجغرافيا لم تطرح كثيمة معزولة عن عناصر الرواية الاخرى، اذ ان التاريخ ارتبط بالجغرافيا حيث تتجلى سكة حديد الحجاز كعنصر يمثل جزءا من مفاصل التاريخ في الوقت الذي توجد فيه في جغرافيا المكان.
وبين ان في هذه الرواية على وجه التحديد لم يقدم ناجي نموذجا نمطيا على غرار روايات الشتات او البؤس الفلسطيني، مشيرا الى ان هذه الانماط "سادت ثم بادت"، وانه تعامل مع الموضوعين الفلسطيني والعثماني من بوابات اخرى تختلف عما تطرقت اليه روايات عربية حيث تبرز في هذه الرواية مفارقة الجغرافيا الضيقة.
ولفت الى علاقة المكان بالزمان، موضحا ان الزمان مرّ بطريقة ما واستخدم الزمانُ المكانَ في الرواية كوسيلة تعبير.
ودار في ختام الندوة التي حضرها عدد من النقاد والمهتمين نقاش حول الرواية.
اللافت في هذه الرواية أن شخصيتها الرئيسة (عمي اسمعين) تزدري السياسيين الذين دأبوا على إخضاع مصالح الأوطان لحساباتهم التي أدت إلى مزيد من التنازلات عن الأرض وتصفهم بعسر الخيال، لأنهم يجزئون الحقوق ويعتقدون بقدرتهم على التلاعب بثوابت الأوطان، وربما يمثل هذا الازدراء ردا إبداعيا استباقيا واستشرافا مبكرا لما يحاك من خطط ضد أمتنا، وهذا الموقف لا يظهر على شكل تصريح مباشر، إنما هو يمثل المحصلة المنطقية لسلوك شخوص الرواية في سياق ممارساتها اليومية وأحلامها وطموحاتها ومعرفتها بالعقلية الإسرائيلية التي لا تتنكر لحقوق أصحاب الأرض وحسب إنما أيضا ترفض الاعتراف بالبعد العربي للقضية الفلسطينية.
وكانت الطبعة الاولى والثانية للرواية قد صدرتا عن الدار العربية للعلوم - ناشرون في بيروت، وقد بلغت هذه الرواية القائمة النهائية لجائزة الشيخ زايد للكتاب في العام 2015 من بين 234 عملا ادبيا عربيا.
وتشكل هذه الرواية مفصلا مهما في مسار الأدبيات التي تناولت القضية الفلسطينية في علاقتها العضوية بمحيطها العربي، وفي طبيعة الشخصية العربية على امتداد عقد من الزمان. فهي تمزج بين فانتازيا النفير الفلسطيني واستحقاقات البقاء من أجل استرجاع الحقوق، وتقدم الواقع الفلسطيني انطلاقا من حواضنه العربية وروافعه الوطنية التي تنقل يقين الآباء إلى الأبناء والأحفاد (بترا).