الهستيريا الإسرائيلية
الهستيريا الاسرائيلية تواصلت منذ إقرار مجلس الأمن الدولي مساء الجمعة الماضية قراره التاريخي الذي اعتبر فيه المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة والقدس المحتلة غير شرعية وغير قانونية، وطالب السلطات الإسرائيلية المحتلة، بوقف بناء المستوطنات. لم يستوعب رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته والكثير من الإسرائيليين، أن يتبنى مجلس الأمن قرارا يصب بصالح الشعب العربي الفلسطيني، فشنوا هجوما شرسا على ادارة الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي قاربت ولايته على الانتهاء. فهذه الإدارة عُرف عنها تأييد غير محدود للكيان الاسرائيلي وسياسته العدوانية، وكانت تمده بكل عناصر القوة وخصوصا السياسية والعسكرية، حيث أقرت إدارة أوباما أكبر دعم عسكري لهذا الكيان العدواني عبر التاريخ. لذلك، لم يتوان الاسرائيليون عن استخدام كافة أنواع وأشكال الهجوم للإساءة لإدارة أوباما، مع أنها أكدت أنها في امتناعها عن التصويت على القرار تدعم اسرائيل وحل الدولتين والمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية.
ولم تتوقف الهستيريا الاسرائيلية عند إدارة أوباما، بل توسعت لتشمل الدول التي صوتت على القرار، وخصوصا تلك التي تبنت مشروع القرار بعد تراجع القاهرة عن تقديمه لمجلس الامن، وهي نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال. كما أن السلطات الاسرائيلية واصلت هستيريتها وأوقفت أي نوع من الاتصالات مع السلطة الفلسطينية باستثناء التنسيق الأمني الذي طبعا يخدمها.
إن رد الفعل الاسرائيلي يظهر تماما أهمية القرار الأممي. نعم صحيح، كما هو معروف، أن الكثير من القرارات الأممية لم تلتفت إليها اسرائيل، ولم تلتزم بها، ولم تجبر على الالتزام بها. وكانت تلقى عناية خاصة وتفهما وتأييدا من واشنطن، لعدم تطبيق القرارات الأممية. ولم تتخذ الهيئة الأممية (الامم المتحدة) ومجلسها للأمن، أي خطوات أو إجراءات لإلزام اسرائيل تطبيق قراراتها. ولن يختلف هذا القرار عن قرارات سابقة، فلن تطبقه اسرائيل، ولكن أهميته، أنه يساهم بالحملة الدولية والعربية والفلسطينية لمواجهة الاستيطان. فالاستيطان، بالحدود الدنيا، أصبح غير شرعي على المستوى العالمي.
إن هذا القرار، وإن لم يطبق في قادم الأيام، لكنه سيعزز من مشروعية النضال الفلسطيني والعربي لمواجهة الاحتلال، كما أنه سيشجع المنظمات الدولية وحملات المقاطعة الأممية لمواجهة قوية للاستيطان، والمستوطنات، وسيزيد من عزلة إسرائيل دوليا. وعلى الفلسطينيين العمل بكل قوة للاستفادة من القرار الأممي، وفي ذات الوقت مواجهة الهستيريا الاسرائيلية بحزم، وهناك إجراءات فلسطينية يمكن اتخاذها لمواجهة ذلك، منها وقف التنسيق الأمني. لم تستطع السلطة يوما تنفيذ ذلك، فهل تستطيع ذلك الآن متسلحة بالقرار الدولي والرد الاسرائيلي غير المحترم؟
الغد 2016-12-27