عام يبحث عن رأس !!
قد يكون كما سبقه من أعوام عجاف سقط سهوا من التقاويم، وقد يكون ايضا من ضحايا الذّبح في عيد الذئب الذي لم يبرطع سواه في ربيع تساقطت فيه اوراق التوت والتين معا عن العورات .
عام آخر يبحث عن رأسه في ركام الايام الرمادية الرتيبة، فقد اصبحت حياتنا يوما واحدا مضروبا بثلاثمائة وخمس وستين صفرا، حيث تغرب الشمس كما اشرقت، ويعود حُنين العربي من نشرة الاخبار حافيا وقد باع الخفين كي يسد رمقه !
الحكاية أبعد من تفاؤل ساذح وتشاؤم معقد، وأبعد مما بينهما والذي سماه اميل حبيبي التشاؤل، فالماء كما يقال في الامثال يكذّب الغطاس والاناء ينضح بما فيه، وعبثا ننتظر الحليب من ثدي صخرة ! وقد يتساءل البعض عن السر الذي تتسارع فيه الايام والاجابة هي ان من يحفظ عن ظهر قلب ما يحمله اليه ساعي البريد قد لا يفتح الرسالة، لأن العنوان يكفي !
العالم يتقدم في كل شيء ونحن لا نتقدم الا في العمر، لأن ما يشغلنا على مدار الساعة هو البحث عن لحظة آمنة وعن رغيف نظيف ونوم بلا كوابيس، ورحم الله ذلك الصديق الذي قال قبل ان يودعنا انه لو كان يعرف ما الذي سيحدث في هذه الاعوام لامتنع عن الشكوى من كل ما سبقها، لكنه لم يكن يدري ان قدر من ورّطهم التاريخ في مستنقعات الجغرافيا هو ان يفاضلوا بين السيء والاسوأ وبين النار والرمضاء !
ان ما كانوا يحلمون بتغيير العالم اصبحوا الان يحلمون فقط بأن يعودوا الى بيوتهم كما خرجوا منها، لأن العالم بما بلغه من السعار غيّرهم ولم يتغيّر، وفي كل عام عندما تأزف لحظة وداعه، اتذكر عبارة للشاعر اليوت، يتساءل فيها عن الحياة التي اضعناها في العيش، فالحياة شي آخر غير العيش، انها الحرية مقابل الضرورة ، والوردة مقابل الرغيف، والكتاب مقابل السكين !!
الدستور 2016-12-27