إذا سرق منهم الضعيف أقاموا عليه الحد !

المدينة نيوز – خاص – داليدا العطي - : بعد أن اسدل الستار – مرحليا بحسب درجات المحكمة – على قضية اختلاس الزراعة ، نستطيع أن نتحدث ولو قليلا عن حكم صدر بـ 22 عاما لاثنين من المتهمين بينما برأت المحكمة 6 آخرين .
كل من يسرق المال العام يجب أن يحاسب حسابا عسيرا ويزج به في السجن مذموما مدحورا ، هذا هو منطق الأشياء ومنطق الفطرة السليمة ، وسجية البشر الأسوياء ، ولكن :
كم من لعيب 3 ورقات وكم من " حرامي " كبير لم يلق القبض عليه حتى الآن ، وكم من " حوت " نفذ بجلده بقدرة قادر ، وما زال ينتحل شخصية المواطن الساذج البسيط المسكين مع انه أكبر لص في البلد .
الموظفان اللذان حكما بـ 22 سنة يسألان ويتساءلان : لو كنا أبناء فلان أو علان ، هل سنخلد في العذاب 22 عاما " إن ظل الحكم كما هو أو لم يظل " ؟؟
هل كنا سنسجن أصلا ، أم سوف يجد لنا البابا ولربما الماما أو " خالو " أو " عمو " مخرجا من أي ورطة ، حتى لو سرقنا البنك المركزي وليس وزارة الزراعة .
يستحق لصوص الزراعة هذا الحكم وأكثر ، ولكننا نؤكد يأن لصوص غير الزراعة يستحقون أن يعلقوا من رقابهم في ساحة الجامع إن لم يعلقوا من أشياء أخرى ، ولكن السؤال الذي يطرقون به أسماعنا ليلا نهارا : اثبتوا ..
عندما كانت مجالس النواب تشكل لجانا للنظر بسرقات اللصوص الكبار ، كنا نقول : إن القضية لن تخرج عن عدم مسؤولية ، ولأجل ذلك : فإنني أتحدى أن تكون لجنة تحقيق شكلت أدانت احدا من أساسه .
الذريعة دائما : هاتوا الدليل ، هاتوا الدليل ..
من اين سيأتي الإثبات القانوني يا سادة ، ألا يكفي أن موظفا راتبه – مثلا – لا يتعدى الـ 400 دينار يبني قصرا ويتبغدد بـ " الليرات " هنا وهناك ، ومن دون حتى أن تجد من يسأله : وين رايح ومنين جاي ، ومن أين لك هذا ؟؟ .
أليست غريبة طفرة الغنى الفجائي التي غمرت بخيرها وخيراتها عددا من الموظفين كبارا وصغارا ووزراء ومدراء عامين وغيرهم ، فترى فلانا يركب سيارة يتعدى ثمنها الـ 100 ألف دينار وأكثر ، وعلانا يشتري مزرعة بمئات الألوف ، ونرى شموس الملايين تبزغ في ليالي النوادي والحانات وأسواق العقار وحصص الأسهم ممن كانوا قبل تسلمهم مواقعهم شحادين مو لاقين خبز .
قانون إشهار الذمة المالية الشهير والذي أثبت أنه قانون لا ينش ولا يهش ومالهوش علاقة ، كونه يكتب فقط ما يمليه عليه صاحبه المطلوبة ذمته ، ليس بمقدوره ولا ضمن مواده أصلا ملاحقة السؤال المفترض : من اين لك هذا ، بل إن القانون يسأل : كم لديك وكم معك ، أما من أين جئت بكل هذا فيفتح ألله !! .
شرّقنا وغربنا مع أننا كنا نتحدث عن حكم الزراعة " مو مشكلة ، مشولي إياها شي بشتت المخ " ولكني أود تذكير السادة القراء أن في البلد قانونا لم يطبق ولو مرة واحدة منذ صدوره قبل عشرات السنين ويدعى : قانون محاكمة الوزراء ، وأتحدى أن يكون أي وزير في تاريخ البلد خضع له أو حوكم بموجبه .
حمى الله الأردن ! .