القائد المُلهِم
يقول (Warren Bennis) "القيادة هي القدرة على ترجمة الرؤية إلى واقع ملموس"، فالقادة هم أولئك الأفراد الذين يسعون إلى إلهام الناس والتأثير بهم من خلال رؤيتهم الخاصة ومهارات شخصيتهم الكاريزمية، وبالتالي فإن القائد المُلهِم هو القادر على استخدام رؤيته في تحفيز الأفراد لتحقيق الأهداف التنظيمية، هو من يتلمس أرواحهم ويدرك قدراتهم المميزة، باختصار هو ذلك الشخص الذي يتمتع بالرؤية والتفكير بشكل استراتيجي وخارج الصندوق، وهو من يمتلك القدرة على التأثير في من حوله من خلال شخصيته بدلاً من أي سلطة خارجية.
ولأن هذا النوع من القيادة يتطلب من القائد أن يكون ريادياً، اجتماعياً وقادراً على التأقلم مع التغيير، فإنه يمثل تحدياً له يكمن في استكشاف أفضل ما يمتلك كل شخص من أفراد فريقه، والمواءمة بينهم لتحقيق رؤية مشتركة وهدف أسمى يخدم مصلحة الجميع.
فكيف يمكن للقائد أن يكون مُلهِماً قادراً على العمل من خلال الخيال والبصيرة والجرأة، لقد نشرت جامعة فرجينيا ورقة عمل للباحثة (Monica Patrick) تحدد فيها الخصائص الرئيسية التي تميز القائد الذي يُلهِم فريقه للوصول إلى الهدف الأعظم، يمكن تلخيصها فيما يلي:
قائد متواصل جيد
القائد المُلهِم هو من يمتلك مهارات التواصل الجيد، ولديه القدرة على التعبير عن أحلامه وأهدافه وإيصالها لأفراد فريقه، فهو المستمع الجيد والنشط للأداء والأفكار الأخرى حتى المختلف منها، بالنسبة له فإن التواصل الفعّال لا يكون أحادي الجانب بل أساسه المشاركة في الرؤية المستقبلية، لذلك هو يساعد فريقه على تحقيق رؤيتهم الخاصة وأهدافهم الشخصية ودمجها في الهدف الأكبر.
قائد كاريزمي
وبما أن القائد المُلهِم هو شخص يمتلك بصيرة ثاقبة ولديه بصمات ساحرة على من حوله، فلا شك أنه يمتلك الكاريزما، ويُعرف قاموس (Merriam-Webster) الكاريزما بأنها الجاذبية الشخصية التي يتمتع بها القائد والتي تُمكنه من جذب واستقطاب ولاء وانتماء فريق العمل، إنها الجاذبية الطبيعية التي ترسم الطريق أمام الناس اتجاه القائد وتغرس الحماس لطريقة عمله، ومع أن هذه الصفات يمكن أن تكون فطرية إلا أنه من الممكن اكتسابها وتنميتها أيضاً.
قائد منظم
يمتاز القائد المُلهِم عن المدير بحسن الإدارة والتنظيم، فهو لا يقوم بإدارة العمل فقط، بل يقوم به بالشكل السليم أيضاً، فيتابع سير العمل بنفسه ليكون الموجه والمنظم الذي يبدع في إدارة الفريق، يوزع المهام ويفوض المسؤوليات ضمن تفعيل تسلسل المهام والمسؤوليات، قوته تكمن في تفكيره فهو منطقي عقلاني ومنظم، وهو من يسخر كل الإمكانات والطاقات الموثوقة في فريقه لتطوير المؤسسة التي ينتمي إليها ولتحقيق رؤيته للصورة الكبيرة.
قائد جريء
هو من يمتلك الجرأة اللازمة لاتخاذ القرارات المصيرية لأنه يؤمن بما يعمل ويعمل ما يؤمن به، هو المبادر الصادق والجريء الذي يتخذ القرارات بذكاء، هذا النوع من القادة يتميز بالإبداع فيبدأ بالقليل للوصول إلى الكثير، إنه على استعداد للمغامرة على أن تكون هذه المغامرة مدروسة، يمتلك الرؤى التي تمكنه من أخذ زمام المبادرة في الوقت والظرف المناسب.
قائد مخطط استراتيجي
القائد المُلهِم هو مخطط استراتيجي بارع فهو كلاعب الشطرنج يخطط بهدوء وبتفكير عميق قبل البدء بالتنفيذ، فيحدد رؤيته المستقبلية للمؤسسة، وكيفية العمل على تحقيقها، ينظر دائماً نحو المستقبل، ويصمم الاستراتيجيات اللازمة والتي توصله إلى تحقيق رؤيته في نهاية المطاف.
بالنتيجة فإن القائد الفعال هو من يتمكن من تعزيز تلك الصفات القيادية لديه، ويدرك أن القيادة لا تنجح إلا مع ومن خلال الناس، وهو القادر على إدراك التغييرات المحيطة، فالتغيرات الديناميكية في بيئة العمل اليوم تملي على القادة الانخراط مع أفراد الفريق لتحقيق الرؤية الملهمة، وكما يقول (Hubert Humphrey) "أن تكون واقعياً هو أن تكون ملهماً وصاحب رؤية"، فالقيادة الفعالة هي التي تلهم وتحفز وتُحمس فريق العمل فيصبح ملتزماً بتحقيق هذه الرؤية.
اليوم، ونحن ندخل الألفية الثالثة، هنالك العديد من القادة الذين يمتلكون رؤية جديدة في جميع الميادين وفي جميع أنحاء العالم، اليوم، كل واحد منا يمكن أن يكون قائداً أكثر فعالية في مجاله، لكن علينا أولاً أن نكون على استعداد لاتخاذ زمام المبادرة والالتزام بتحقيق ما نؤمن به، علينا أن نكون على استعداد للمغامرة.