عثمان مزلوه الدراوشه يكتب عن الارهاب
اعلن جلالة الملك عبدالله الثاني أننا في حرب مفتوحة مع الإرهاب ، وأن خوارج العصر من التكفيريين والإرهابيين لن يؤولوا جهداَ لتحقيق أهدافهم ومخططاتهم .
لذلك وجب على الدولة بكافة مؤسساتها أن تعمل بالحكمة التي تقول (درهم وقاية ) وخاصة في المناطق التي تقع تحت خط الفقر ، وابعد من اطراف التهميش ، تلك المناطق التي اغلب المسؤولين لم يزوروها يوماَ ، حتى أن بعض المسؤولين تقلد اكثر من مرة مناصب عليا بالدولة ، ولكن للأسف لم يكلف نفسه أن ينظر الى خارطة الوطن ليتعرف على جغرافية وطنه ، فيعرف الفرق بين القويرة وقريقرة ، الفرق بين الجفر والجرف ، ولكي يعلم ويعلم ابناءه من بعده أن الوطن لا يمكن اختصاره بعمان ، وقد يمتد عند بعض المسؤولين الى العقبة ، ولكنه امتداد جوي دون المرور بالقرى المترامية على طول امتداد الطريق الصحراوي .
إن الثالوث القاتل والذي يتمثل بالفقر والمرض والجهل ، متوفر في المناطق الأكثر فقراَ والأقل حظاَ ، وهوحاضنة لكل فكر متطرف ، خصوصاَ بعد أن أصبحت المخدرات بمختلف اشكالها تلقى رواجاَ بين شباب هذه المناطق .
ولو تحدثنا عن هذا الثالوث الذي يفتك بأجزاء من وطننا ، بسبب غياب المسؤولية وغياب التخطيط ، حتى غياب الأمل في تحسين الحال ، وليس غريباً على احد إن أراد معرفة ذلك ، فمثلآ الفقر ، والذي تطور حتى وصل لمرحلة الجوع ، وبذلك يكون قد تخطى مرحلة الفقر المزمن ، ودلالة ذلك الوقفة التي انطلقت باتجاه قرية البربيطه في محافظة الطفيلة لمجرد أن صوراَ تم تداولها اشارت لمستوى الفقر فيها ، وأقول إن هناك ما هو اشد فقراَ والماَ من البربيطه ، ولكن حظهم السيء يمنع حتى وصول الكاميرا لهم لنقل حالهم وغير ذلك الكثير .
أما الجهل ، فيكفي لمعرفة المستوى الذي وصل اليه وتعمق فيه ، هو أن تنظر الى التعليم في مناطقنا النائية ، فهناك قرى ولا أقول مدارس لم ينجح فيها احد في الثانوية العامة للعام الماضي ، عدا عن مشاكل وقصص التعليم في هذه المناطق والذي يكاد يكون الكتابة حوله من الخيال لأنه قد لا يصدقه احد .
ووصولا الى المرض ، فيكفي النظر الى حقيقة الخدمات التي تقدمها المراكز الصحية المترامية كذر الرمل في العيون في المناطق النائية ، ولا يمكن لأحد أن يتخيل المستوى المتردي من الخدمة الصحية هذا إن وجدت .
اعتقد أن الظروف الحالية تتطلب أن يتحرك كل مسؤول خارج مكتبه وينطلق الى الميدان ويتابع مسؤولياته مباشرة من خلال زياراته للمناطق النائية ، فمثلآ لو قام وزير التربية ووزير الصحة ووزير التنمية الاجتماعية بزيارات مفاجئة وخاطفة ، دون برمجة مسبقة ليرى كل وزير حقيقة الدوائر التي تتبع لوزارته ويروا جميعاَ الوجه الحقيقي للأردن وللأردني الصابر والصامد رغم جوع البطن وجوع العقل وفتك المرض .
اذا اردنا أن نحصن انفسنا من الإرهاب وفكره الضلالي ، يجب أن نعالج الأسباب التي تساعد على انتشاره او تضعف امام مغرياته التي قد تسد جوع بطن او جوع عقل او تؤمن ثمن علاج .
علينا أن نفكر خارج الصندوق وأن نعمل خارج الدائرة ، فيجب أن ننطلق الى الأطراف ، لأنها في امس الحاجة الى الرعاية وحتى لا تكون مطمع او يكون شبابها هدفاَ لخوارج العصر ، فيجب إعادة النظر وبشكل سريع لإعادة الأمل والروح لها ولسكانها ، وأن تشملها الخطط الحكومية في مكافحة الفكر المتطرف ، ومكافحة المخدرات .
واخيراَ يجب أن نعلم أن الإرهابي ليس من يقتل بدون سبب ، لكن ايضاَ الفاسد إرهابي ، وتاجر المخدرات ومروجها ايضاَ إرهابي ، وكل مسؤول لا يقوم بواجبه اتجاه وطنه فهو ايضاَ إرهابي .
ووسط كل هذا ، ماذا ننتظر من بطن جائع وعقل جائع في جسد اخترقه المرض بلا امل بحياة افضل وغد مشرق ، هل سنبقى نقول درهم وقاية خير من قنطار علاج ، دون أن نأخذ خطوة ولو قصيرة لكنها في الإتجاه الصحيح