نقابة المعلمين والأحزاب وقميص عثمان !

المدينة نيوز – خاص - أحمد سعدو – إذا كان الحكم الدستوري بموجب تفسير المجلس العالي منع قيام نقابة للمعلمين ، فإن هذا لا يمنع هذه الفئة من الاردنيين ويعدون بعشرات الآلاف من المطالبة بنقابتهم التي لا يمكن أن يقتنع أحد بغير وجودها على أرض الواقع انعكاسا لحلم المعلمين الذي لا بد أن يتحقق في يوم ما مهما كانت موانع ذلك .
ولكن : كيف يتحقق هذا الحلم وما هي آليته ؟ .
بصفتي معلما مضى على عملي في هذا السلك 20 عاما ، فإنني أرى أن الذي منع قيام النقابة هو نفسه من سيسمح بإنشائها وبطريقة سلسة بعيدا عن أي تصعيد ، أي لا بد من سند قانوني ودستوري وإلا فإننا سنكون – كمعلمين – من أوائل الذين يسجل عليهم أنهم ضد الدستور والقانون والنظام والديمقراطية ، وهي اتهامات خطرة تودي بسمعة هذه المهنة وأصحابها .
الذي يشفع للحكومة ، وأنا لا أدافع عنها هنا ، هو أن قرار المجلس العالي صدر منذ سنوات موغلة في القدم ، أي أن الحكومات المتعاقبة لا علاقة لها بالامر ، ومن بينها هذه الحكومة التي لا أعتقد أن لها شعبية تؤهلها للحكم على الإطلاق ، ولكن الحق يجب أن يقال ، وهو أنها حكومة تماشت مع قرار المجلس العالي ولا يمكن لها ولا لغيرها أن تتجاوز القرار التفسيري وإلا فإنها ستكون موضع اتهام وهذا آخر ما تبحث عنه في ظل توالي أزماتها .
لماذا لا نبحث عن تحقيق حلمنا في نقابة من خلال البرلمان القادم مثلا ، الذي بيده تعديل النص الذي منعنا من تحقيق حلمنا ؟ فالبرلمان بيده التعديل شأنه شأن الإستفتاء وليس ذلك ممنوعا ولا محرما في دستور بلدنا .
لقداستجيب لمطالب إقالة وزراء الأزمات وعلى رأسهم بدران وهو مطلب أساس حققه المعلمون بنضالهم وإصرارهم عليه وكان من أول شروطهم إلى جانب النقابة وتحسين ظروف المعلمين وزيادة رواتبهم ومنح أبنائهم مقاعد جامعية تأسيا بالفئات الاخرى وتحسين شروط تقاعدهم ، وكل هذه المطالب وغيرها حققها المعلمون بعد أن استجابت لها هذه الحكومة غير الشعبية عقب انتصار الملك للمعلمين ، مما يعني أن أغلب مطالبنا تم تحقيقها باستثناء النقابة التي منعها التفسير الدستوري إياه ، والذي هو بحد ذاته غير مقنع البتة ، ولكننا نتحدث هنا عن قدرات الحكومة وهامش تحركها ، وهو هامش يكاد يكون معدوما في هذا الجانب بالذات ، وإذن ، فلا بد من التنازل قليلا والقبول بالصيغ البديلة إلى أن نتمكن كمعلمين من تحقيق حلمنا بنقابة كما هو حال المعلمين في كل الدول المتحضرة .
إلا أن الأمر المهم والخطير ، والذي لا أحب أن أقع كمعلم فيه ولا أرضاه لزملائي أيضا ، هو أن بعض الأحزاب السياسية جعلت من نقابة المعلمين " قميص عثمان " وبدأت بالمزايدة والصياح ، ويجب أن تعلم هذه الاحزاب أن نفخها في " كير " النقابة وبأنفاس المعلمين وعلى ظهورهم لن ينطلي علينا كمعلمين ، فنحن من أنشأنا الاجيال وربيناها وعلمناها وأخرجنا أمناء الاحزاب ورؤساء الحكومات ، ولا يجوز بالمطلق أن تنطلي علينا بيانات وادعاءات الأحزاب سواء التي تقاطع الإنتخابات أو التي ستشارك فيها خاصة تلك التي تريد أن تركب ظهورنا لتثير فتنا نحن في غنى عنها ، فالبلد بأمس الحاجة إلى الهدوء وهو مقبل على استحقاق دستوري ، ونربأ بالمعلمين ونحن منهم أن يكونوا سببا في تعكير صفو الهدوء لأن كل أنظار العالم تنظر إلينا وتراقبنا وتعد أنفاسنا .
إن قانون الإنتخاب الذي تعزف عليه بعض الأحزاب مضى إلى حيث لا رجعة ، وسواء كنا كمعلمين مع الإنتخابات أم لا ، فالواجب الوطني يفرض علينا أن نكون مع الوطن ، والوطن يتطلب منا أن نصدع لدستوره وقوانينه ، وأن لا يكون ضمن قواميسنا كمعلمين لغة " كسر عظم " مع أحد حتى الحكومات التي لا نقتنع بها من مثل هذه الحكومة ، واالله والوطن من وراء القصد .
معلم من تربية الزرقاء .