إلى أيّ مدى التحولات المتوقعة؟

تم نشره الخميس 12 كانون الثّاني / يناير 2017 12:49 صباحاً
إلى أيّ مدى التحولات المتوقعة؟
محمد أبو رمان

تنشيط خط عّمان-بغداد سياسياً ودبلوماسياً، ليست كلمة كافية لإدراك حجم التغيير المتوقّع على السياسة الخارجية الأردنية، خلال الأشهر المقبلة من العام 2017؛ وهي التغييرات التي قد تأخذ مساراً هادئاً متدحرجاً تجاه ملفات المنطقة.
ما هي المدخلات (المتغيرات) التي تدفع إلى التغيير؟ هي باختصار؛ إدارة أميركية جديدة لديها مقاربة مختلفة نسبياً عن الإدارة السابقة، بخاصة في العلاقة مع روسيا والنظرة إلى الملف السوري. فمن المتوقع تقارب أميركي-روسي في الأشهر المقبلة، وتنسيق دولي لإدارة الملف السوري، يتزاوج مع التفاهمات الروسية-التركية، والمحور الروسي-الإيراني الجديد في المنطقة.
من المدخلات الرئيسة أيضاً؛ التسريع العسكري الأميركي في محاولة إنهاء "دولة داعش" في العراق، والتحول التركي المفصلي في المنطقة، بما في ذلك الدخول في مواجهة شرسة مع "داعش"، والتخلي عن "جبهة النصرة" ("فتح الشام")، وإعادة النظر في موضوع أولويات تركيا في الشأن السوري.
هذا وذاك يرتبط بالانتصارات العسكرية لنظام الأسد والإيرانيين في سورية، بانتظار مؤتمر الأستانة الوشيك (كما هو متوقع)، لمعاينة آفاق الحل السياسي الممكن، مع نجاح الهدنة العسكرية (نسبياً).
ما هي المخرجات؟ خروج العرب بالكلية من اللعبة السورية، وبروز الأقطاب الأربعة (تركيا-روسيا-إدارة ترامب-إيران)، وتخلي العالم عن أولوية إسقاط النظام السوري بشكل قطعي، في مقابل أولوية وقف "النزاع المسلّح" والتخلص من "داعش"؛ وكذلك تنامي النفوذ الإيراني في العراق وسورية بصورة ملحوظة، لتصبح إيران لاعباً أساسياً اليوم في المنطقة، وعلى حدودنا غداً، مع تفكك النظام العربي وبروز الخلافات بين السعودية ومصر تجاه سورية والعراق.
كيف سينعكس هذا على المنظور الاستراتيجي والأمني الأردني؟
على صعيد الأمن الوطني وحماية المصالح في سورية، فإنّ الأردن يضع رهانات كبيرة على العلاقة مع روسيا، وعلى إمكانية اجتراح أفق سياسي سلمي نتيجة التفاهمات الدولية والإقليمية الجديدة، ما سينعكس إيجاباً على الأردن، وتحديداً على ملف المنطقة الجنوبية في سورية، التي ما تزال في حالة "الحفاظ على الوضع القائم" (ستيتس كو Status Quo) منذ عامين تقريباً، بناء على تفاهمات أردنية-روسية غير مكتوبة.
لكن، ماذا لو فشلت الجهود السلمية والدبلوماسية؟ من المتوقع، عندئذ، أن تكون المنطقة الجنوبية على قائمة أولويات الإيرانيين والسوريين، ما سينعكس بصورة مباشرة على الأمن الوطني الأردني، سواء على صعيد اللاجئين أو اقتراب المواجهات من المنطقة الحدودية مباشرةً، أو حتى خطورة استثمار "داعش" لتفكك "الجيش الحرّ" في الجنوب.
ماذا سيفعل الأردن؟ هل سيكون الـ"فيتو" المرفوع سابقاً ضد أي اجتياح من الجيش والإيرانيين وحزب الله، ممكناً في المرحلة المقبلة، مع التحول الكبير في موازين القوى على الأرض؟ هذا السؤال برسم الإجابة لدى "مطبخ القرار". لكن توقعاتي أنّ الأردن سيتجه إلى "الحياد" أكثر في المرحلة المقبلة، بخاصة بعد "زلزال حلب"!
مع تراجع أسعار النفط والأزمة المالية الخليجية المتنامية، فإنّ الأردن بدأ يفكّر جدياً بالانفتاح على العراق، الذي مثّل على الدوام نافذة اقتصادية مهمة. ويطمح الأردن –كذلك- إلى دور في إعادة إعمار سورية. وإذا أخذنا هذه المصالح الاستراتيجية بعين الاعتبار، كمخرج أساسي مهم للأزمة الاقتصادية الأردنية الراهنة، فإنّ سؤال المليون هو: هل يمكن تحقيق ذلك من دون تحسين العلاقات مع إيران؟ وهل هناك ثمن لهذه التحولات؟
باختصار، لا يمكن المرور إلى العراق وسورية اليوم إلا عبر إيران. لكن الأردن في الوقت نفسه لا يملك التضحية بمصالحه الحيوية مع الخليج، سياسياً وأمنياً، وقبل ذلك اقتصادياً؛ إذ في الحدّ الأدنى لدينا أكثر من نصف مليون أردني يعملون هناك.

الغد 2017-01-12



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات