هـذا ما نريده مـن ترمـب !
المفترض أنْ لا علاقة لنا كعرب بكل هذا «الرَّدح» الكلامي بين الأوروبيين وبين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنْ بالنسبة لحلف شمالي الأطلسي «الذي تخطاه الزمن لأنه مصَّممٌ قبل سنوات طويلة» وإن بالنسبة للإتحاد الأوربي «الذي ستلحق بريطانيا بالإنسحاب منه دول أوروبية أخرى».. فما يهمنا هو قضايانا العربية وأولها بالطبع قضية فلسطين وتأتي بعدها المشكلة السورية المستفحلة ثم هذا التمدد الإيراني الذي غدا متجذراً في العراق وفي سورية ومعه الإرهاب المتمثل بـ»داعش» و»القاعدة» وبعض التنظيمات الأخرى التي إتخذت أسماءً تضليلية وهمية .
إذا لم ينقل ترمب، الذي سينتقل بعد غد الجمعة إلى البيت الأبيض ليتربع على كرسي الرئاسة، سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس
(المحتلة).. وإذا برَّ بالوعد الذي قطعه على نفسه بأنه سيحل القضية الفلسطينية وينهي الصراع العربي – الإسرائيلي ثم وإنْ هو وضع حداًّ للتمدد الإيراني في هذه المنطقة وألغى الإتفاق النووي مع الإيرانيين وأيضاً وضع حداًّ للروس وبخاصة بالنسبة للأزمة السورية .. فأهلاً به وعلى الرحب والسعة.. وليخسأ الخاسئون وليذهب باراك أوباما إلى مزابل التاريخ!!.
إن الولايات المتحدة دولة مؤسسات ولذلك ومع أن الرئيس وأي رئيس له دور في وضع السياسات الداخلية والخارجية وتنفيذها إلا أن هذا الدور يبقى محكوماً بالمصالح الأميركية العليا ولهذا فإننا قد بدأنا نلمس تحولات مهمة بين مواقف الرئيس الجديد الحالية وبين مواقفه السابقة خلال معركة الإنتخابات الرئاسية وهكذا فإن المؤكد أننا سنلمس المزيد من هذه التحولات بعدما ينتقل ترمب إلى البيت الأبيض بعد غدٍ الجمعة.
لقد شجعت إتفاقية النووي، التي أشرف على إبرامها مع طهران الرئيس الراحل باراك أوباما، الإيرانيين على كل هذا التمدد «الإحتلالي» في العراق وفي سورية وفي المنطقة كلها ولذلك فإن العرب المتضررين من هذه الإتفاقية سيؤيدون إقدام ترمب على هذه الخطوة، خطوة الغاء إتفاقية النووي، التي يرفضها ويقاومها الأوروبيون ثم ويقيناً إنْ تخلى الرئيس الأميركي الجديد عن فكرة نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس وإنْ هو أبدى «جدية» في حلِّ القضية الفلسطينية وفي حل الأزمة السورية ووضع الروس عند حدهم فإنه سيُعتبر بأنه قد أتى بما لم «يستطعه الأوائل» وإنَّ «أسهمه» في هذه المنطقة العربية ستتجاوز أسهم كل من سبقه من الرؤساء الأميركيين.
لا شك في أن ما قاله دونالد ترمب خلال معركة الرئاسة الأميركية كان سيئاً وجعل كثيرين إنْ من هذه المنطقة العربية وإنْ من خارجها يشعرون بالإحباط والخوف لكن إذا صحت مقولة «إن حسابات السرايا تختلف عن حسابات القرايا « وتغير الرئيس الأميركي الجديد بمجرد إنتقاله إلى البيت الأبيض ودخول المكتب البيضاوي فإن هذه النظرة السابقة إليه ستتغير بالتأكيد فالمهم هم الأفعال وليس الأقوال.. وبخاصة إذا كانت هذه الأقوال من مستلزمات وضروريات المعركة الإنتخابية .
الراي 2017-01-18