الإصلاح: حتى لا نغمس خارج الصحن
![الإصلاح: حتى لا نغمس خارج الصحن الإصلاح: حتى لا نغمس خارج الصحن](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/ddd12658ac0a0cfeab65428f1e5109c1.jpg)
يمكن اليوم قياس الإصلاح بمؤشرات واضحة، بمقدور كل مواطن أن يلاحظها: الحريات، والعدالة في الفرص، والكفاءة والعدالة في تحصيل الضرائب والموارد العامة، وإنفاقها أيضا بعدالة وكفاءة، وتعليم يشمل جميع الأطفال، وتأمين صحي وضمان اجتماعي لجميع المواطنين، ورعاية اجتماعية تستفيد منها بوضوح جميع الفئات المستهدفة، مثل المعوقين وكبار السن.
ويمكن لأي مواطن اليوم أن يذهب إلى موقع دائرة الإحصاءات العامة والمؤسسات العامة والمتخصصة ليلاحظ مؤشرات الأداء والخلل والإنجاز. فأن تكون نسبة الطلبة في المدارس الخاصة تزيد على 40 %، تعني ببساطة عجز مدارس وزارة التربية والتعليم عن استيعاب جميع الطلبة. وسبق أن قدمت وزارة العمل إحصاءات ومؤشرات ملفتة عن عمالة الأطفال، ما يؤشر على التسرب من المدارس بنسب متزايدة. كما نشرت نسب البطالة. ويمكن الاطلاع على مؤشر قانون الموازنة العامة، وملاحظة اتجاهات الإنفاق العام... فلم يعد ذلك سرّا ولا عملا معقدا يقتصر على فئة من المتخصصين. وفي ذلك، فإنه يمكن النظر إلى الإصلاح وقياسه على أنه حريات المواطنين وقدرتهم على التنافس العادل على الفرص، وعدالة ضريبية وعدالة في الإنفاق يمكن ملاحظتها في أثرها وشمولها لجميع المواطنين، في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
يمكن تخفيف العبء عن المواطنين إذا لم يعودوا ينفقون على التعليم والصحة ورعاية كبار السن والمعوقين. ويمكن ملاحظة التقدم في التعليم عندما تنخفض نسبة الطلبة في المدارس الخاصة إلى 5 % من الطلبة، وعندما يتوقف تسرب التلاميذ وعمالة الأطفال. وتقاس الرعاية الصحية بتأمين صحي شامل لجميع المواطنين، وأن يكون لكل مائة ألف مواطن مستشفى يعمل بكفاءة ومستوى لا يحتاجون معه إلى التحويل إلى بضعة مستشفيات مرهقة، ولم تعد قادرة على استيعاب جميع المرضى. ويمكن قياس الرعاية الاجتماعية بأن يكون لكل مواطن رقم ضمان اجتماعي، وبخدمة صحية وتعليمية واجتماعية لجميع المحتاجين من الفقراء والمرضى وكبار السن، وعبر تكامل اجتماعي يستدل عليه بالمساواة وبأرقام الجريمة والانتحار والشعور بالرضا، وأخيرا بملاحظة مصادر واتجاهات العبء والإعفاء ومستوى كفاءة التحصيل والتهرب الضريبي.
التراجع في مستوى الأداء العام والتعليم والصحة والبطالة، يبدو واضحا. فمستوى المعيشة يتراجع، والمرافق والخدمات الأساسية والطرق والنقل والمواصلات تترهل وتتراجع؛ والحريات وحقوق الإنسان تتراجع؛ والفشل الاقتصادي والمالي تؤشر إليه المديونية بوضوح!
هناك ثلاثة متغيرات أساسية لم تؤخذ بعد بالاعتبار على نحو كاف في إدارة الإصلاح (بما هو التنمية الإنسانية المؤشر إليها بالحريات والعدالة والتعليم والصحة والتكامل الاجتماعي ومستوى الدخل)، وهي: الخصخصة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية؛ وضعف المجتمعات وتهميشها (مؤشرا إلى ذلك بوضوح في فرص التوظيف في القطاع المجتمعي، وفي أداء النقابات والبلديات والمنظمات والمرافق والأولويات الاجتماعية)؛ والتحولات الاقتصادية والاجتماعية المصاحبة لاقتصاد المعرفة (الحوسبة والاتصالات والشبكية و"الروبتة" والطابعات ثلاثية الابعاد...) والتغييرات الكبرى التي حصلت في العمل والمهارات الجديدة المطلوبة في العمل والحياة؛ وهنا يبدأ الإصلاح بالتعليم.
الغد 2017-01-18