ثقافة المقاطعة
تزايدت مؤخرا دعوات للمقاطعة الشعبية لبعض السلع والمنتجات والخدمات احتجاجا على ارتفاع أسعارها، وللضغط من اجل تخفيضها بما يتناسب مع قدرات وإمكانيات الغالبية العظمى من المواطنين.
ويبدو، أن حملات المقاطعة تشهد رواجا كبيرا لأسباب عديدة من ابرزها، ان هناك اسبابا موضوعية تشحن وتشحذ همة العديد من الناس للمشاركة في حملات المقاطعة، واقصد قرارات الحكومة برفع أسعار العديد من السلع والخدمات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار بعض السلع والمواد بشكل غير معقول، كما حدث مع اسعار بيض المائدة والبطاطا.
كما ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على تفعيل حملات المقاطعة الشعبية. ففي السابق، لم تتحول العديد من حملات المقاطعة إلى حملات شعبية مؤثرة، لغياب بالدرجة الاولى الاساليب والآليات التي تنشر افكار واهداف واسباب المقاطعة بين صفوف الناس، وتحشدهم باتجاه المقاطعة، لكن، في وقتنا الحالي، الامور مختلفة كليا، فمواقع التواصل الاجتماعي، تساهم بشكل كبير بحشد الناس وراء فكرة المقاطعة، فهذه المواقع من خلال صفحات القائمين على حملات المقاطعة تصل إلى عدد كبير جدا من الناس، وخلال وقت قصير. في السابق، كان القائمون على الحملات يعانون كثيرا لإيصال أفكار وأهداف ومنشورات الحملات للناس، فيما حاليا، وخلال وقت قياسي، يمكن أن يصل القائمون على الحملات إلى اعداد كبيرة من الناس. وهذه الحقيقة، تعني، أن حملات المقاطعة لبضائع وسلع قد تكون عنوان المرحلة المقبلة في ظل موجات ارتفاع الأسعار المتكررة، وقرارات الحكومة على هذا الصعيد.
استطاعت حملات المقاطعة الشعبية في الايام القليلة الماضية الضغط على الجهات المعنية لتحقيق بعض النجاحات حيث دفعت باتجاه تخفيض اسعار البطاطا ووضع سقوف سعرية لبيض المائدة، وإظهار حجم الضرر الكبير الذي سيصيب غالبية المواطنين من قرارات الحكومة برفع الضرائب والرسوم على سلع وخدمات. ومع الوقت، فإن هذه الحملات تستطيع أن تحقق ما لم تتمكن من تحقيقه سابقا، وأعني أنها قادرة على تعزيز وحشد المقاطعة الشعبية لسلع وخدمات أسعارها مرتفعة بشكل غير معقول وغير مقبول، والضغط على المعنيين للتراجع عن قراراتهم، أو تخفيض اسعارها.
يبدو ان مواقع التواصل الاجتماعي، تتحول إلى منصات للاعتراض ورفض السياسات والقرارات التي تؤثر سلبا على الناس، وهي مع الوقت تتحول لتكون المنصات الاكثر تأثيرا من كل المنصات والمنظمات المجتمعية الاخرى. أعتقد أن حملات المقاطعة الشعبية سيكون لها اثر كبير على قرارات الحكومة وتوجهاتها المستقبلية، فهذه الحملات بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، وسلبيات القرارات قادرة على حشد الناس وراء فكرة المقاطعة والرفض.
الغد 2017-02-11