فساد لم يسقط سهوًا !!
قيل مرارا وفي العديد من المناسبات ذات الصلة بالثقافة ان الفساد اذا تمدد وبلغ المثقفين يفسد حتى ملح الطعام، وتكون الخاتمة غير السعيدة وشيكة .
ذلك ببساطة لأن هذا النمط من الفساد الذي نادرا ما يرد ذكره في الحديث عن الفساد هو ما يحول شهود الحق الى شهود زور ويحرم الضحايا من آخر رجاء وهو الانصاف المعنوي حتى لو جاء مُتأخرا وبعد فوات الاوان، ولأن العرب بالتحديد لهم حكاية طويلة مع ياء النسبة فهم يعزلون الفساد عن الفاسدين والخيانة عن الخونة، والطغيان عن الطغاة بحيث ينزلق الخطاب كله نحو التجريد وتبقى المعالجات كلها مجرد مراوحات وتكرار على طريقة محلك سِر !
واذا كان الفساد الاقتصادي والسياسي يمكن رصدهما بالعين المجردة ومن خلال التجليات الاجتماعية التي تطفو على سطح النهار فإن الفساد الثقافي ليس كذلك، لأنه قابل لارتداء الاقنعة خصوصا حين تقود خيول الاعلام عربات الثقافة كلها، ومن يرصد الحراكات الثقافية الموسمية في العديد من العواصم العربية تخدعه لأول وهلة الكرنفالات والمهرجانات وما يسخر لها من الميديا كي تبدو في حالة صحية معافاة لكن ما وراء هذه الكواليس والأكمات ثمة ما لا يمكن تصديقه من اختراع بدائل للثقافة وبالتالي بدائل للمثقفين بحيث ينوب الاشباه عن الاصول ولأن الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبيده فأين هو اثر هذه الكرنفالات والاعراس على الوعي والرأي العام، ان ما يتولى الاجابة عن مثل هذه الاسئلة هو احصاءات وأرقام تقدمها تقارير التنمية البشرية ونحن في غنى عن التذكير بها لفرط ما هي مُهينة وتشعر الانسان بالخجل!
ان الانصراف التام الى الفساد الاقتصادي والى حدّ ما السياسي حجب فسادا آخر هو تربوي وثقافي بامتياز، ربما لأن المنوط بهم كشف المستور يشعرون بالارتياب او يحاولون قدر الامكان اغلاق الباب الذي تأتي منه الريح بكل ما يسبقها من رائحة تزكم الانوف !!
الدستور 2017-02-14