بشار الذي «انتخب» رئيسًا بالـ«المصادفة»
في حوار مع وسائل إعلام بلجيكية، ونشرت نصه وكالة “سانا”؛ أي أنه مضبوط تماما، ورد السؤال التالي من الصحفي البلجيكي: “سيادة الرئيس: أنا عمري 43 عاما، لو كنتُ ولدت في سوريا، لكان هناك دائما شخص من عائلة الأسد في السلطة التنفيذية، هل تستطيع تخيّل سوريا دون أحد أفراد عائلة الأسد في السلطة التنفيذية؟”.
الإجابة؛ وأيضا بالنص الحرفي حسب (سانا)، كانت كالتالي: “بالطبع، فنحن لا نملك البلد، وعائلتي لا تملك البلد، قد يكون هذا من قبيل المصادفة، لأن الرئيس الأسد لم يكن له وريث في المؤسسة ليكون خليفة له، توفي الرئيس الأسد، وتم انتخابي دون أن يكون له أي علاقة بانتخابي عندما كان رئيسا، أنا لم أكن أشغل أي منصب في الحكومة. لو أرادني أن أخلفه، لكان وضعني في منصب ما وأعطاني مسؤولية، بينما لم تكن لدي أي مسؤولية في الواقع، وبالتالي فإن الأمر ليس كما كان كثيرون في وسائل الإعلام الغربية يقولون منذ انتخابي، “لقد خلف والده” أو “وضعه أبوه في ذلك المنصب”. إذن، سوريا يملكها السوريون، ولكل مواطن سوري الحق في أن يكون في ذلك المنصب”.
بالله عليكم: ألا يثير هذا الكلام السخرية، وهل يمكن لأي إنسان يحترم نفسه أن يقدم هذا التبرير البائس لقضية واضحة وضوح الشمس. لو تم الاحتفاظ بهذا الكلام لأهل بلجيكا، لكان مقبولا، أما أن تنشره (سانا) ليقرأه كل الناس، فذلك يثير الازدراء.
الصحفي البلجيكي لا يدري أن الأسد (الوالد) كان قد أعدّ شقيق بشار (باسل) للوراثة، بينما ذهب العبقري الذي يقف قبالته إلى دراسة الطب، ومن ثم إلى التخصص في طب العيون، لكن القدر ما لبث أن تدخل فتوفي في حادث عام 1994، وحيث كان أخاه في دراسته. ولما كان (الأب) مطمئنا للأجهزة التي أنشأها على عينه، فقد واصل بشار دراسته، وحين توفي الأب عام 2000، تم استدعاء مجلس الشعب (استدعته أجهزة الأمن التي تمسك بالبلد بالكامل)، وصوّت على تغيير الدستور الذي كان ينص على أن يكون عمر الرئيس 40 عاما، وجرى تغييره كي ينطبق على النجل الحبيب الثاني (بشار). كل ذلك تم بـ”المصادفة” حسب بشار. أرأيتم ما أجمل هذ المصادفة؟!! أما الأكثر إثارة للسخرية، فهو أن يسمّي ذلك “انتخابا”!!
لقد تم التصرف كما لو كانت البلد ملكا لآل الأسد بالفعل، وتم نقل السلطة، كما لو أنها مملكة من الأب إلى الابن الثاني بعد وفاة الأول. فأي دستور ذلك الذي يتحدث عنه، كما ورد في فقرة أخرى من الحوار بقوله: “إذا اختار الشعب السوري رئيسا آخر، فلن يكون علي أن أختار أن أتنحى، سأكون خارج هذا المنصب، هذا بديهي، لأن الدستور هو الذي يأتي بالرئيس وهو الذي ينحيه وفقا لصندوق الاقتراع وقرار الشعب السوري”؟!
جميلة حكاية الدستور الذي يأتي بالرئيس، وهو الذي تم تغييره في 5 دقائق، عبر استدعاء الأجهزة الأمنية لأعضاء مجلس الشعب، كما حصل في العام 2000. أليس ذلك مثيرا للسخرية أيضا؟!!
كل من يعرف القليل في السياسة يعرف أن في سوريا جهاز أمني وعسكري طائفي، صنعه الأب خلال 3 عقود، وهو الذي جاء بالابن، وهو الذي يحكم البلد، وما الحكومة فيه سوى ديكور يتحكم بالأشياء البسيطة، فيما يتحكم الرئيس بكل شيء.
تلك قصة معروفة لأغلب العقلاء، ولكن لا بأس من استعادتها لفضح الشبيحة بكل ألوانهم (شبيحة خامنئي وبشار) وربما لإغاظتهم أيضا (هل نذكّرهم بترحيبه بقوات أمريكية في حواره مع “ياهو”، ذلك الذي تجاهلوه كأنه لم يكن؟!!).
الدستور 2017-02-15