فخامة الجنرال .. يا مرحبا
قد يكون الحديث عن ضيف الأردن والدار الهاشمية متاخرا، ولكن لا بد منه لأن الهم اللبناني في قلب قضايانا القومية.
زارنا الرئيس اللبناني الجنرال ميشيل عون في عز البرد، ولكن دفء العلاقات بين البلدين والقيادتين والشعبين غطت على سوء الأحوال الجوية. أقول فخامة الجنرال، لأنه اللقب المحبب لدى اللبنانيين، ولأن لبنان كان اكثر وحدة واستقرارا وأمنا في عهود ثلاثة رؤساء من مؤسسة الجيش، هم الجنرال فؤاد شهاب والجنرال اميل لحود والجنرال ميشيل عون، وهم رؤساء لبنان في أصعب مراحله التاريخ.
الجنرالات الثلاثة جاؤوا الى الحكم ليس على ظهور الدبابات، بل عبر الممارسة الديمقراطية، حيث تم انتخابهم واختيارهم من قبل ممثلي الشعب في مجلس النواب. وللحقيقة أقول أنهم كانوا الأكثر استقامة ونزاهة وحرصا على وحدة لبنان أرضا وشعبا، ولهم الفضل في استتباب الأمن والاستقرار في البلد الشقيق واعادة اعماره وازدهاره بعد كل عاصفة يثيرها امراء الحروب والمصالح والمكتسبات.
الثابت ان الرابطة الأخوية بين الأردن ولبنان وثيقة والعلاقات التاريخية وطيدة ثابتة لم ولن تتغير، حتى في هذا الزمن الذي تتسارع فيه التطورات والمستجدات وتتغير فيه المصالح والتحالفات بين ليلة وضحاها، وهي التقلبات والمصالح، التي جعلت الأزمات الاقليمية أكثر تعقيدا وصعوبة.
المشهود للرئيس اللبناني الجنرال عون، الذي زار الأردن وغادره باستقبال رسمي مهيب، أنه تحدث في كل محطات جولته العربية بصراحة وراحة، كما أن مواقفه الثابتة الصلبة تنم عن رؤية واضحة، وعن وعي وطني لبناني وعربي متقدم. وأعتقد أن الجنرال وجد في لقاء الملك عبد الله الثاني، والقضايا التي تم بحثها في قمة القيادتين في عمان ما يعزز هذه المواقف والقناعات، لأن البلدين يجمعهما المصير الواحد ويواجهات ذات التحديات، كما أن جلالته متفهم للواقع اللبناني وتطلعات شعب لبنان وهمومه وقضاياه .
أقول إن الأردن كان محطة مهمة، أو قد تكون الأهم، في الجولة العربية للرئيس اللبناني لأن لبنان كما الأردن، عانى من الأرهاب، وهو في اشتباك مباشر مع التنظيمات المتطرفة، كذلك يعيش اللبنانيون مثلنا على وقع الأوضاع المشتعلة من حولهم، وهي الأحداث التي ألقت بظلالها على ساحتهم الداخلية، خصوصا بالنسبة لتدفق اللاجئين، وتداعيات وتبعات هذا الواقع وأثره على الوضع الاقتصادي ومستوى معيشة المواطن، بوجود مصادر دخل محدودة، وفي غياب الدعم الحقيقي المطلوب الذي يرقى الى مستوى الأزمة.
وكانت الزيارة مناسبة وضرورية للبحث في تعزيز العلاقات الأردنية اللبنانية الوطيدة المميزة، على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، خصوصا التكامل الاقتصادي من خلال تنشيط وتفعيل التعاون التجاري والصناعي والسياحي والزراعي والنقل، الذي تعزز بالتوافق بين الملك عبد الله الثاني والرئيس عون في مباحثات القمة الثنائية.
في المباحثات تم تأكيد التوافق بين القيادتين في الرؤية حول محاربة الارهاب ضمن جهود مشتركة، والتوافق في الآراء حول الصراع في سوريا وعليها، خصوصا التلاقي حول ضرورة وقف اطلاق النار والاقتتال الأهلي ووقف شلال الدم وانهاء معاناة الشعب السوري، وضرورة البناء على الجهود العربية والاقليمية والدولية لحل الأزمة السورية بالحوار والتفاهم حول حل سياسي ديمقراطي ممكن، ومشاركة كل الأطياف السياسية ومكونات الشعب السوري في صياغة المستقبل، واعادة الأمن والاستقرار للبلد الشقيق، والحفاظ على وحدة اراضيه.
وبهذه المناسبة نقول للرئيس اللبناني ضيف جلالته والأردن، بعد انتهاء زيارته الرسمية الأولى، أهلا وسهلا ومرحبا بك اليوم، وفي مؤتمر القمة وفي كل يوم.. يا مرحبا.
الراي 2017-02-16