ملاحظات على إسطنبول والشتات ومنظمة التحرير
عجزت منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، عن القيام بدورها حيال الشعب الفلسطيني في الشتات، وباتت جزءا من السلطة الوطنية الفلسطينية العاجزة اصلا عن القيام بدورها حيال الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة بوصف الضفة والقطاع اراضي الدولة الفلسطينية بموجب قرارات الامم المتحدة والبرنامج المرحلي للمنظمة، وفقد فلسطينيو الشتات كل تعبير وطني او خدماتي من الممثل الشرعي والوحيد، وارتفعت اصوات الشتات تطالب بممثل لها بعد ان افرغت قيادة السلطة الفلسطينية الجالسة على مقعد رئاسة منظمة التحرير مؤسسات المنظمة من كل أثر وتأثير ودور، فارتفعت اصوات الشتات تارة بلحن فصائلي بغيض قائم على تكريس الفرقة والتشظي بين حماس وفتح وتارة بمطالب توطينية في دول اللجوء بدل حقوق مدنية في تلك الدول للحفاظ على الهوية الفلسطينية، واستثمرت دول اللجوء في اوجاع اللاجئين الفلسطينيين اسوأ استثمار بأن جعلتهم ينقمون على اليوم الذي ولدوا فيه فلسطينيين بسبب التضييق المعاشي عليهم والامثلة كثيرة على ذلك، مع استثمار سياسي اكبر لصالح انهاء صداع القضية الفلسطينية في رؤوس النظام العربي الرسمي، الذي ارتاح قليلا من هذا الصداع والقى بالحمل على السلطة العاجزة .
فراغ الحالة الفلسطينية وخروج منظمة التحرير من المشهد، فتح شهية كثيرين كي يستثمروا في ملء الفراغ وتحديدا الدول التي تملك مشاريع سياسية اقليمية مثل: ايران وتركيا والكيان الصهيوني، وبفضل وبركات الصراع المذهبي المدعوم صهيونيا وعربيا، وجدت تركيا نفسها قادرة على ملء الفراغ، فكانت هي الدولة الحاضنة لاجتماع دول الشتات وحاولت طهران ايضا ابقاء اثرها في هذا الملف من خلال اجتماع فصائلي تحت اسم المقاومة والممانعة رغم ان الاسم الحقيقي هو انصار الحل السوري على الطريقة الايرانية وابقاء ادوات العبث بالملف الفلسطيني قائمة وغبّ الطلب، لكن اسطنبول كانت اكثر مهارة في الاستقطاب الشعبي والحزبي الديني وهو ايضا اسم دلع لان الاسم الحقيقي هو انصار الحل السوري على الطريقة التركية وابقاء الورقة الفلسطينية غبّ الطلب، لدولة تمتلك امتن علاقة مع الكيان الصهيوني الذي لا يعترف اساسا بالشتات الفلسطيني ولا تعترف دولة الكيان باللاجئين وحقهم في العودة والتعويض، اي ان الاجتماع على ارض تركية حليفة للكيان، فهو اجتماع برعاية صهيونية او برضا صهيوني على ادنى تعريف .
اسهل الحلول هو حضور الادانة للاجتماعات واستحضار نظرية المؤامرة فيها، وتحظى هذه الحلول بتصفيق جمهور واسع وادانة جمهور واسع ايضا، لكن الازمة هي حالة الفراغ الحاضرة بسبب غياب منظمة التحرير ومؤسساتها الخاوية على عروشها، وتقزيم الممثل الوحيد لصالح سلطة لا تملك السُلطة حتى على جغرافيتها الممزقة ولا تملك ادنى درجات التوافق الوطني داخل حزبها الحاكم فخلافات فتح اكثر من واضحة ولا مع معارضيها فانقلاب حماس وتكريسها لواقع الانفصال في غزة اكثر وضوحا، ودون العودة الى جذر الازمة وتشخيصها سيبقى الامر كما هو عليه مع تراجع في الحالة الفلسطينية وتراجع في الاحوال المعيشية لفلسطينيي الشتات حد الكفر الوطني وهذا حاصل الان وفي طور التثقيف والتأسيس لنقل الصراع مع دول اللجوء وليس مع الكيان الصهيوني، ومصلحة الحالة العربية عودة منظمة التحرير الفلسطينية لتكون ممثلا للشتات الفلسطيني ومنح اللاجئين حقوقا مدنية تيسر امورهم المعيشية وتجهض احلام طهران واسطنبول في استثمار أوجاعهم للعبث بالوضع الداخلي للدولة العربية .
الدستور 2017-02-25