توجان تكتب عن : هدر النصف المليء من الكأس !

تم نشره الأحد 19 أيلول / سبتمبر 2010 01:47 مساءً
توجان تكتب عن : هدر النصف المليء من الكأس !

المدينة نيوز – توجان فيصل - : كتب الكثير مؤخراً عن أوجه الخلاف " السياسي " بين مختلف قوى ومكونات الشعب الأردني، السياسية والاجتماعية، حد تسميته بحرب البيانات والبيانات المضادة. وقد حاولنا من على هذا المنبر ومن على منابر أخرى، بيان هشاشة أوجه الخلاف تلك، مقارنة بطريقة تناولها الخطيرة أحيانا.

ولكن حديثنا اليوم ينطلق من النصف المليء من الكأس والذي لم يحز على إضاءة كافية في هذه المعمعة، وهو الإجماع الشعبي غير المسبوق لكافة الأطراف باستثناء الحكومية لدرجة يمكن معها القول إننا لا نحتاج لجمع مليون توقيع في بلد سكانه يفوقون الثمانين مليونا، كما تحاول حركة التغيير في مصر.. بل إننا بتنا نملك،حقيقة وليس كتعبير مجازي، أكثر من أربعة ملايين توقيع في بلد سكانه بالكاد تجاوز الخمسة ملايين.

وهذه حسبة تأخذ بعين الاعتبار من يمثلهم الموقعون على بيانات ومقالات عدة، والناطقون بها في مناسبات عدة، بل والمتصدون لأحداث ذلك التغيير بكل الوسائل بما فيه النزول للشارع . وتمثيل هؤلاء للشعب معترف به من الحكومات حتى في وسائل محاربتها لهم.

المجمع عليه حقيقة هو الأهم من المختلف أو المتنازع عليه، وفي مقدمته ضرورة تطبيق دستور عام 1952، بنصه الأصل ذاك بعد إزالة كل التعديلات التي أدخلت عليه، كونها كلها غير مشروعة ابتداء. والعودة للدستور الأردني تعني تحقيق " الملكية الدستورية "، أي حكم الشعب لنفسه بنفسه عبر مجلس نيابي منتخب يعطي او يسحب الثقة من الحكومة ويحاسبها.. والدساتير وسائل لتحقيق الديمقراطية وليست غايات بحد ذاتها . وقد سبق وعرضنا لمزايا دستورنا الذي ما جرى العبث به ثم تجميده إلا لكونه ديمقراطيا بحق.

الفارق فيما يطرح للوصول لحكومة منتخبة هو: هل يجري انتخاب رئيس الوزراء مباشرة من الشعب بتعديل الدستور، ولحين تطور الحياة الحزبية في ظل ديمقراطية حقيقية. أم هل تتشكل الحكومة من أغلبية نيابية تخوفاً من أن يؤدي فتح باب التعديلات الدستورية وإعطاء نوع من التبرير لتعديلاته السابقة غير المشروعة وتمرير المزيد من أمثالها ؟؟ ثم ان هنالك من يخشى ان يؤدي انتخاب رئيس الوزراء مباشرة إلى خلق نظام رئاسي دكتاتوري، وهو تخوف مبرر في ضوء التجارب العربية بخاصة .. ومثله تخوف من أن يتمكن رأس المال الفاسد المتنفذ من إيصال ممثليه للموقع، المبرر هو أيضا في ضوء الواقع العربي ككل والأردني الذي سيطرة رأس المال الفاسد هو ما وسّع قاعدة المطالبين بإصلاح يصل حد تغيير ما كان مسكوتا عليه لعقود .

ولكن التخوف الأخير يجب أن يشمل وصول ذات رأس المال لأغلبية نيابية، بدليل تبوؤ بعض أكبر أقطاب الفساد الذين وصلوا عبره لمناصب يفترض أنها منتخبة. وهذا يشكل تحديا أكبر من فارق الاجتهادات في تحقيق هدف إصلاحي مجمع عليه.

والقول بحكومة أغلبية نيابية يقودنا للزوم أن يكون مجلس النواب الذي تشكل الحكومة من قوى الأغلبية فيه، ممثلا فعلا للشعب. في حين بدأت الجهود الإصلاحية للحال الانتخابي بتقديمنا - وأعني مجموعة نواب المعارضة - لمشروع قانون انتخاب يلغي الصوت الواحد لصالح تعدد الأصوات في دوائر متساوية في عدد ناخبيها وعدد المقاعد المخصصة لها، للتخلص من كارثة الصوت الواحد التي كانت حلت حديثا في صورة قانون مؤقت غير دستوري .

وهذا يسقط زعم أن النواب لا يضعون قانون انتخاب ولهذا تضطر الحكومة لإصدار قانون مؤقت . ومؤخرا، وفي رفض لسلبية مجالس نواب مزورة أو مدجنة، حوار القوى السياسية تطور ليتوحد الجميع على تقسيم المقاعد النيابية بين مقاعد لدوائر صغيرة وأخرى لقوائم نسبية توفر البرامج السياسية على مستوى الوطن وبحصة تراوح حول نصف مقاعد المجلس للقوائم. فالبرامج السياسية لم تغب،بل غيبها تغييب الأحزاب في الخمسة وثلاثين عاما عقود من الأحكام العرفية، ثم قانون الصوت الواحد. ولكن الحكومات المتعاقبة، وبالتوافق مع نواب ظلت تعينهم على العودة للمجلس في كل الانتخابات التالية، أبقت قانوننا مدفونا في أدراج اللجنة القانونية التي أحالها له المجلس، رغم كل جهود المعارضة ووصول عرائض شعبية تطالب بإقراره .. وظلت تفرض قوانينها المؤقتة وصولا للأخير غير المسبوق في سوئه .

ولإدراك حجم التوافق، بل وشبه الإجماع بين قوى الإصلاح المعارضة التي باتت بحجم شعب بكامله فيه القومي واليساري والليبرالي والإسلامي والعلماني والعشائري وغيره من تصنيفات الرؤى السياسية والمصالح التي قد تتقاطع وقد تتناقض .. إن الإسلاميين الذين كانوا يرفضون التسليم بمرجعية الدستور باعتباره من وضع البشر، ويعتبرون هذا كفرا صريحا، انضموا للمطالبين بالعودة لدستور عام 52 .

ولجنة " الأجندة الوطنية " المشكلة من أعضاء جرى تعيينهم للمهمة ورأسها وزير لم يحسب يوما على المعارضة، بل على العكس كان من عظام الرقبة الحكومية حتى اثناء مفاوضات السلام وتوقيع "وادي عربة "، خلص أيضا في توصيات لجنته لحل الصوتين واحد لدائرة صغيرة والثاني للقائمة النسبية .

والمتقاعدون العسكريون في بيان الأول من ايار خرجوا عن صمتهم ، ودعوا للعودة لدستور الــ 52 والالتزام بأحكامه في تحقيق الملكية الدستورية وتأكيد حكم الشعب ومحاسبة الفاسدين، واحتشد وراءهم مؤيدون كثر.

والأستاذ احمد عبيدات، رجل الدولة الذي ترأس أهم مؤسساتها بما فيها الحكومة ودائرة المخابرات العامة، أكد في بيانه الذي وقعته أعداد كبيرة من الشخصيات السياسية المعتبرة، على كافة مطالب الدستورية والديمقراطية وعلى محاسبة جادة للفاسدين.. ومن قبلها طالبت بكل هذا وأكثر،أول مبادرة إصلاحية شاملة صدرت عام 1999وأسست لطروحات الإصلاح الشعبية هذه، ووقعت من شخصيات تمثل ما يزيد على نصف الناخبين الأردنيين على أدنى تقدير، وذلك بمعيار انتخاب هذه الشخصيات لمناصب نيابية ونقابية وحزبية ومهنية، ولكونهم قيادات عشائرية وقيادات رأي مسلم بمكانتها هذه رسميا وشعبيا.

والقائمة ظلت تطول وتتفرع منذ ذلك الحين لتتضمن كل من تبقى من قيادات عريقة، وأخرى شابة مستجدة، ولتتضمن مطالبات قطاعية لذات الحقوق الدستورية والديمقراطية، كحق تنظيم نقابي للمعلمين وآخر لعمال المياومة .. وبحق الشعب في محاسبة الحكومة رغم تغييب مجلس النواب، وصولا لإقالة وزراء بعينهم وحق تلقي اعتذار من وزراء آخرين . ولكن الاعتذار لم يسقط مطلب ترحيل الحكومة التي لم تعد تجامل باعتبارها " حكومة الملك " كما كان يقال سابقا لصد النقد عن الحكومات. بل أدى لتطور البحث عن صيغة لانتخاب الحكومة .

بالنسبة لقوى وقيادات أنتجت توافقات تكاد تشبه قراءة واحدها لأفكار الأخر، لا يمكن فهم تلغيمها بخلافات أو مطالب صغرى تعطي الحكومة مساحة للعب على مخاوف او أطماع أي طرف في هذه اللحظة المفصلية، والتي إن لم نظفر بها نفقد القدرة على التعامل مع عدو يحاول الإمساك بكل خيوطنا السائبة، ولا يجرؤ على لمس خيط طرفه في يد صاحبه.. فالحديث عن الدسترة (أي تعديل الدستور) وعن القوننة (أي وضع قانون مستجد) في حين أن الدستور الأصل والقوانين الدستورية، وحتى المؤقتة غير الدستورية، لا تطبق ابتداء أو تطبق انتقائيا، يبدو عبثا يلهي عما هو أخطر.( الراية ) .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات