الخُمس الخالي !
الربع الخالي في التضاريس العربية كان تعبيرا عن انعدام الحياة والعقم مقابل الخصب، والعرب في هذه الالفية يشكلون خُمس العالم، فقد تجاوز عددهم ثلث مليار وما نشر مُؤخرا من احصاءات حول التعليم والامية بمختلف تجلياتها والصحة وشجونها والزراعة وما انتهت اليه بعد ان امتلأت رفوف دكاكين القرى بالمعلبات الصينية ، يجزم وبلا اية مواربة بأن الربع الخالي اصبح خمسا، لكن بمقاييس اخرى . واذكر ان باحثا عربيا نشر قبل خمسة عشر عاما احصاءات عن احوال الامة، دفعته الى الاعتذار عن ذكر النسبة المئوية المكرسة للابحاث في العالم العربي بالنسبة لعدة دول منها اسرائيل، وقال ان كرامته القومية تحول دون ذكر ما تبقى !!
وخلال الخمسة عشر عاما تقدم العالم كثيرا وبتسارع ملحوظ تعجز عن احصائه الحواسيب الذكية لكن خمس العالم تراجع وتصاعدت فيه نسب الفقر والبطالة والامية، والافراد القلائل الذين تجاوزوا كل الشروط التي تحاصرهم عبّر عنهم الراحل د . احمد زويل حين قال ان الفاشل في الغرب يجد من يسانده ويأخذ بيده حتى ينجح، ومقابل ذلك فالناجح في عالمنا العربي تحتشد حوله كل عوامل الإفشال! واذا قُدّر له أن يتجاوز اسباب الفشل فعليه ان يعتذر لأنه غرّد خارج سرب الغربان .
وما انفقه العرب على حروب الاخوة الاعداء والطبعات الجديدة المنقّحة من البسوس وداحس والغبراء كان يكفي لتحويل هذا الخمس الخالي الى فردوس، لكن ميداس العربي بعكس ميداس الاغريقي الذي تحدثت عنه الاساطير والذي كان يلامس التراب فيحوله الى ذهب اما ميداس العربي فهو ما ان يلامس الذهب حتى يحوله الى قصدير وليس الى تراب فقط !
واذا استمرت هذه المتوالية الانتحارية فان المستقبل سوف يتحول الى كمين لاجيال لا ذنب لها سوى انها ولدت في هذه الجغرافيا او هذا الخمس الخالي!
اما المثقف المسكين الذي لم يشرب من نهر الجنون فهو المُنبتّ الذي لا دولة قطع ولا شعبا ابقى لأن رسائله لا تصل والاجراس التي يقرعها اما مقلوعة الالسنة واما رنينها لا يصل الى الطرشان !!
الدستور 2017-03-19