طالبة جامعية متفوقة فقيرة : إنني لا أتسول .. ولكنني أضع النقاط فوق الحروف !

المدينة نيوز – خاص – بعثت إلينا طالبة جامعية متفوقة كا ورد برسالتها بهذه المقالة التي تمنت أن تجد طريقها للنشر عبر المدينة نيوز بالذات ، ولأننا نعتز بثقة قرائنا أولا ، وبالقضية التي طرحتها الطالبة ثانيا ، فإننا ننشر الرسالة حرفيا وبدن أي تدخل منا وتاليا نصها :
" لفت إنتباهي بالأمس قائمة طويلة ؛ تحتوي على عدد كبير من الأسماء لطلاب وطالبات ،تم نشرها على مختلف المواقع الإكترونية ،وفي الكثير من الصحف المحلية الأردنية ؛ والذين تم قبولهم بمكرمة سامية ؛ كانت خاصة بأبناء العشائر فقط، ولعل هذا هو السبب الذي دفعني إلى القيام بكتابة هذا المقال .
لكني وقبل أن أدخل في تفاصيل المقال ، أرجو أن تسمحوا لي بداية أن أبارك لجميع الأخوة والأخوات الذين وردت أسماؤهم في تلك القائمة من المقبولين والمقبولات بالجامعات . وأدعو الله لهم جميعا بكل التوفيق والنجاح في دراستهم وحياتهم .
إخواني وأخواتي الأحباء والأعزاء!!
كنت أتمنى ألا أقوم بالكتابة، وكنت أتمنى ألا أقوم بالتعليق على هذا الموضوع بالذات !! وذلك حتى لايساء فهمي ، ولكي لايتم تفسيره من أي أحد بطريقة مغايرة لا أكون أنا أقصد فيها ما قد يفهمه البعض ؛ وخاصة إذا فهم البعض ممن سيقرأ هذا المقال : (بأني حاقدة عليهم أو أني حاسدة لهم !!لاسمح الله) .
لكن شعوري بالألم في أعماقي ، وإحساسي بالحزن في صدري ، وقلقي على حياتي ، وخوفي على ضياع مستقبلي . هو الذي دفعني مجبرة على أن أقوم بالكتابة ولم يسمح لي بالبقاء عاجزة متفرجة ،وأنا أرى مستقبلي ينهار ويتحطم أمام عيني وأنا أنظر إليه بكل حسرة وحزن . !!
لهذا فإني كل ما آمل وكل ما أرجوه منكم جميعا كقراء هو ألا يساء فهمي أبدا . وخاصة إذا علمتم أنني أحب الجميع وأتمنى الخير للجميع بدون استثناء ، وأتمنى لكم أنتم جميعا أيضا الصحة والعافية في أجسامكم ، والنجاح والتوفيق في أعمالكم ودراستكم ، والسعادة والهناء في حياتكم .
إخواني أخواتي الأحباء: ـ
من خلال نظرتي لقائمة الأسماء والمعدلات ، وبنظرة سريعة غلفها الحزن الشديد و تخللها تساقط غزير للدموع من عيني من غير أن أحس بها ، وجدت أن المعدلات كانت تتراوح بين( 66 % و 79.8 % ).
وبالرغم من هذا فقد حصل أصحابها المحظوظون على مكرمة !!، وتم قبولهم في تخصصات ممتازة يحلم بها أصحاب المعدلات العالية التي تكون في ( التسعينات ) .
علما أن هناك الكثيرون من أصحاب معدلات ( التسعينات ) لم يحالفهم الحظ بدخول الجامعات لأن (الفقر ) وقف أمامهم ومنعهم من ذلك ، مع العلم أنه لايوجد هناك طالب أو طالبة متفوق/ متفوقة إلا و يراوده حلم الدخول الى الجامعة والتخرج منها.
إلا أن هناك عدد لابأس به من الطلبة المتفوقين تمكنوا من الإلتحاق بالجامعات .
وكان ذلك على (أساس مبدأ التنافس ) من أمثالي .
إلا أن معظمهم ( مثلي ) لايضمنون الإستمرار في دراستهم .!!! كما أن احتمالية أن وجودهم في الجامعة سيكون أمرا مؤقتا !! حيث أن فقرهم وعدم استطاعتهم وعدم قدرتهم المالية على دفع الرسوم الجامعية الباهظة سيحول دون تمكنهم من الإستمرار في الجامعة !!
وهذا هو الذي أثار في نفسي الحزن ، وجعلني أجهش بالبكاء ، وجعلني أقرر أن أقوم بتوجيه العديد من الأسئلة والتساؤلات إليكم وإلى كل من يعنيهم هذا الأمر الهام.
ومن هذه الأسئلة ما يلي : ـ
1ـ أليس مايحدث مع الطلبة المتفوقين الفقراء ؛ أمر يدعو إلى الإحباط والحزن الشديد في نفوسهم ؟؟
2ـ هل إن أبناء وبنات العشائر الذين يحصلون على المكرمة والإعفاء من دفع الرسوم هم الأردنيون فقط !!؟؟ أما ما تبقى من أفراد الشعب البسطاء والعاديين ليسوا بأردنيين ؟؟
3ـ هل أن أبناء العشائر هم الذين وحدهم يحق لهم الدخول إلى الجامعات مجانا . أما الآخرين فلا يحق لهم ذلك وإن كانت معدلاتهم ( بالتسعينات )؟؟
أعزائي أحبائي : ـ
تعريفا بنفسي لكم؛ فأنا واحدة من الطالبات الأردنيات المتفوقات . لكني من الفقيرات جدا ، ولست من بنات العشائر ولا من بنات الحمايل . بل أنا من الناس الذين ينطبق عليهم لقب (الأقل حظا) في المجتمع . علما أنني لم أختر أن أكون كذلك عند مولدي ، فأنا لم أعرف بأنني من هؤلاء (الأقل حظا ) إلا بعد أن بدأت أدرك مايحدث حولي وبعد أن بدأت الأمور تتضح لي .ولم يكن لي من قدرة على تغيير هذا الوضع القائم !! .
كنت قد حصلت على معدل 93.5% بالفرع العلمي في العام الماضي . وقد تم قبولي في الجامعة على (أساس التنافس ) في كلية الهندسة . وفي جامعة بعيدة تبعد مسافة 200 كيلومتر عن مكان سكن أهلي .!!!
والله وحده هو العالم بالصعوبات والمعضلات التي واجهتها . والله وحده هو العالم بالذل والمهانة والهوان الذي تعرض له والدي الحبيب والتي تعرضت لها أسرتي بشكل عام من أجل الحاقي بالجامعة ومن أجل تأمين السكن لي .
وهذه أنا الأن وبعد مرور عام كامل على التحاقي بالجامعة ؛فقد أنهيت السنة الأولى (بتفوق أيضا ) ولله الحمد والمنة على ذلك أولا وأخيرا !!. وكم كنت أتمنى لو تكمل فرحتي وتطول ولو قليلا لو تمكنت من الإلتحاق بالفصل الصيفي !! كمحاولة مني في الإسراع بالتخرج في أقصر مدة ممكنة . إلا أن العائق المادي و ( الفقر) وقف لنا بالمرصاد مرة أخرى بدون رحمة ولاشفقة منه على حالنا . فكان هو السبب الذي حال دون ذلك أيضا.
ولهذا ، ولما كان الوضع بقي على حاله ؛ بل إنه قد إزداد سوءا !! الأمر الذي جعلني حاليا أعيش في حالة قلق دائم ، وأعيش في حيرة مستمرة ، وأعيش في خوف كبير من احتمالية عدم إمكانية الإستمرار في الدراسة ؛ وكل ذلك بسبب ( الفقر )، وبسبب عدم القدرة على دفع الرسوم في كل مرة !! وإن حدث يوما وتمكنت من الدفع ؛ فسوف لن يكون ذلك إلا بشق الأنفس ، وبعد تعريض أنفسنا لذل السؤال ومهانة الطلب مرات أخرى ، ولايكون ذلك سيتحقق إلا تحت قائمة من الشروط الصعبة من قبل بعض من يعرض المساعدة .
وكما أن الذي يصعب من أموري ، ويزيدها تعقيدا أكثر وأكثر هو موضوع (تأمين السكن ) .!! حيث أن أجرة السكن تعتبر مشكلة قائمة بذاتها هي الأخرى ، وخاصة أنها تعادل رسوم الفصل الدراسي بل أنها تزيد عليه .
علما أني كم حاولت مرارا وتكرارا الإنتقال الى جامعة أخرى قريبة من مكان اقامة أهلي . إلا أن كل محاولاتي باءت بالفشل ولم أتمكن من الإنتقال ومازلت وسأظل أحاول .
هذه مشكلتي ، وربما قد تكون أيضا مشكلة الكثيرين من أمثالي من الطلبة المتفوقين الفقراء !!! . ولهذا قررت أن أقوم الآن بوضعها بين أيديكم وأمام ناظريكم وأمام جميع المسؤولين في بلدنا .
آملة من أصحاب الرأي والمشورة إفادتي مشكورين بالحل المناسب إن أمكن ذلك مع جزيل الشكر لهم سلفا !!.
أعزائي أحبائي
وقبل أن أنهي مقالي والذي طال من غير قصد مني فقد خطر على بالي الآن سؤال . ألا وهو : ـ
هل أنكم ترون أنه يتوجب علي إقناع نفسي بنفسي بأن الفقراء أمثالي ليس من حقهم أبدا أن يحلموا ؟؟ وأنه ليس من حقهم أن يتخيلوا مستقبل مشرق سعيد ؟؟، وأن عليهم أن يعلموا جيدا أنه قد كتب عليهم وعلى أهاليهم الشقاء إلى الأبد . وأنه يتوجب عليهم أن يرضوا بهذا الواقع الأليم ، وأن يرضخوا لهذا الأمر ، وأن عليهم التزام الصمت وألا يقوموا بأي محاولة للتعبير عما يشعرون به من غصة في صدورهم ؟؟!!
حقيقة ....إن كل ما أتمناه ياأخوة ويا أخوات هو : ـ ألا أرى مستقبلي يتحطم أمامي ، وإن كل ما أتمناه يا أحباء هو ألا أرى قلبي ينكسر عليه !! وخاصة لكوني لا أرى شيئا يحوم في الأفق لحد الآن لكي يعطيني الثقة بهذا المستقبل ( المجهول المعالم والمصير ).!!
في ختام مقالي هذا ؛ أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم ، وألا أكون قد تسببت في إزعاج أي منكم بدون قصد مني ، من خلال إقدامي على طرح هذه المشكله الخاصة .
راجية من الجميع العلم بأن مقالي هذا ليس بمقال (استجداء) لأحد ، وليس بمقال ( تسول ) من أحد لاسمح الله .!!
فأنا ( لا أتســـــــول ) !! ولكني أطالب بحقي في هذه الحياة ، وإن كل ماأريده فقط هو أن أضع النقاط على بعض الحروف التائهة من أجل الصالح العام . ويظل عزائي الوحيد أولا وأخيرا هو : إن الله سبحانه وتعالى هو وحده العالم بالحال والأحوال ، وأنه هو أكرم الأكرمين .
وكل عام وأنتم جميعا بألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختكم /
طالبة جامعية متفوقة فقيرة