ما الفائدة يا داعش؟
قبل أيام، قتلتِ يا داعش خمسة أو ستة من الناس المصادفين، وجرحت أربعين في مدينة لندن لا تعرفين واحداً منهم، وليس بينك وبينهم علاقة صدام، وخلقت توتراً شديداً، ليس في مدينة لندن فقط، بل في العالم كله، وغضباً شديداً إضافياً على الإسلام والمسلمين، فما الفائدة يا داعش؟ إنك تهددين إقامة المسلمين الفارين من بلدانهم إلى هناك. وقد تدفعين الغرب المضيف لهم إلى طردهم، بعد أن فشل في تدجينهم وتوطينهم فيه بتأثيركم عليهم، وفشلوا في الانتماء له، مع أنه آمنهم من خوف وأطعمهم من جوع، ووفر لهم فرص الإقامة والمواطنة والتعليم والعمل والصحة والترويح، لدرجة انتخابه لواحد منهم رئيساً لبلدية لندن، مما لا يحصلون على مثله في بلادهم الأصلية، فما الفائدة يا داعش من تفجيراتك وعملياتك الدموية في الناس المصادفين هنا وهناك؟ أهذا هو الإسلام أو منهج الإسلام والرسول والصحابة الذي تعدين الناس به ليسارعوا في الانضمام إليك؟ إنك توحدين العالم المتفّرق ضدك لأن كل واحد فيه يمكن أن يكون الضحية في المرة القادمة بصدفة المكان والزمان.
هل تعتقدون في داعش أنكم بهذه الدموية العمياء تنصرون الله لينصركم، وأن قتلاكم في الجنة أحياء عند ربهم يرزقون!
قال تعالى: "وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " (سورة آل عمران: 169)، وقال: "وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" (سورة البقرة : 25).
يتكرر ذكر الجنة والجنات والجنتين نحو مئة وخمسين مرة في القرآن الكريم، بوصف حسي رائع يُفيد أنّ الجنة بالروح والجسد، ومن ثم يُتوقع انتقال قتلاكـم (لو كانوا شهداء) إليها بهما. إن بقاءهم في القبور يتحللون دليل على العكس، أي أنهم ليسوا شهداء، وإنما مجرد قتلة. أفلا تدركون بعد ذلك عبثية ما أنتم له فاعلون؟! وكذلك ما أحدثتم من تدمير بشري ومادي في سورية والعراق وليبيا ومصر، وغيرها. إن ما دمرتم في بضع سنين وما نتج عنه من رد فعل تدميري مقابل يحتاج إلى عقود وربما إلى قرون لإعادته أو استعادته. أما الحياة التي دمرتم للأطفال والنساء والشباب والمسنين فلن تستعاد.
هل أنتم سعداء حقاً بالوسيلة والنتيجة؟ يبدو أنكم سعداء جداً بها لأنكم تواصلونها وتتبنون أي تفجير يقع في المصادفين من الناس في اي مكان، وكأنكم تسكرون برائحة الدم والقبور الجماعية وتروحون عن أنفسكم بالسبايا والإماء والجواري. كما ظهرتم بسرعة ستزولون أو تزالون بسرعة. وستكونون مجرد لطخة أو لحظة ظلام في التاريخ العربي الإسلامي، فأنتم لستم مجاهدين بل قتلة. ولستم أصحاب قضية بل بلطجية. إنكم في الحقيقة مرضى بحاجة ماسة إلى علاج طويل المدى كي تشفوا.
الغد 2017-03-31