احرص مني على معالجتها..!
تحتاج مؤسساتنا الدينية الى “وصفات” اصلاح عاجلة، اصلاح اداري واصلاح تنظيمي واصلاح فكري، وتحتاج الى اصلاح خطابها العام، وتأهيل كوادرها العاملة، وفتح ابوابها امام “مستجدات العصر” وامام الخبرات الشرعية والعلمية التي ما تزال ممنوعة من المشاركة، وتحتاج الى الخروج من دورها الوظيفي الرسمي الى دورها الحقيقي المتعلق بقضايا الامة والمجتمع والناس، وهذا كله لا يمكن ان يتحقق الا اذا اقتنعنا بان “للدين” في حياتنا وظيفة مركزية، تنهض بها مؤسسات قوية، وبضعفها او غيابها نخسر كثيراً في جبهة “الإصلاح” ومواجهة التطرف، وفي جبهات اخرى تتيح للتدين المغشوش، والآخر الانتهازي، ان يقودنا نحو مسارات واهداف لا علاقة لها بالدين.. ولا بالمصلحة العامة ايضاً.
اذا سألتني لماذا أدعو الى اصلاح مؤسساتنا الدينية، فانني اعتقد بأن ما أصاب منظومتنا الاخلاقية من تراجع، وما دفع “حالة” التدين في بلادنا الى الانحسار في “الشكل” والطقس على حساب المضمون والسلوك، وما دفع بعض الشباب الى التطرف، سببه الاهم هو: ضعف هذه المؤسسات وارتباكها في الاداء والخطاب وعدم قدرتها على اقناع الناس “بالدين” الذي ينتج الاصلاح والتغيير، لا ذلك الذي يستخدم للاستهلاك فقط، وبتعطل المؤسسة الدينية عن العمل تعطلت المؤسسة التعليمية ايضا، واصبحنا امام مجتمع “خال” من التنوير ومن كثير من القيم، وفاقد “للحصانة” الذي تمكنه من العمل والبناء والتكافل والتعاون وقبل ذلك الفهم للدين كباعث حضاري، وللعلم كأساس للتقدم، وللاخلاق كمنظومة “حارسة” للعمران
اعرف ان مواجهة اخواننا في “السلطة” الدينية بالحقائق تبدو مهمة صعبة، فأنا – مثلا – استطيع ان انتقد أداء مؤسساتنا السياسية، وقلما اتلقى ردوداً أو احتجاجات إلا في اطار التوضيح، لكن حين اسمح لنفسي ان أتعرض بالنقد لاداء احدى مؤسساتنا الدينية اسأل الله تعالى ان يمر اليوم على خير وألا اتلقى – كما حصل اكثر من مرة – دعوة تخرجني من “الملة” الوطنية او الدينية او – على الاقل – بعد “ملتي” الصحفية.
لا بد وان المسؤولين في بلدنا يعرفون تماما تفاصيل ما حدث في مؤسساتنا الدينية، واتوقع ان يكونوا أحرص مني على معالجاتها، ولهذا اكتفي بالتنويه والتذكيرفقط.
المهم هو استدراك ما حصل والسير فوراً نحو “اصلاح” حقيقي يخرج هذه المؤسسة من “ضعفها”، اذ لا يمكن انا نتصور مثلا بان وزارة الاوقاف - وهي من اغنى الوزارات - تعاني من نقص مزمن في (الأئمة)والخطباء وأن معظم كوادرها مؤهلاتهم دون الثانوية العامة، كما لا يمكن ان نتصور بان “انتاجها” في مجال الفكر الاسلامي المعاصر لا يتجاوز اصدار مجلة متواضعة، او اقامة ورشة تدريب.. الخ.
الدستور 2017-04-07